٤٥ - بَاب إِن وَأَن
إِن قَالَ قَائِل: لم وَجب أَن تكسر (إِن) فِي الِابْتِدَاء؟
قيل: للفصل بَينهمَا، أَعنِي: بَين (إِن وَأَن) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الْحَاجة إِلَى الْفَصْل بَينهمَا؟
قيل لَهُ: لِأَن (أَن) الْمَفْتُوحَة وَمَا بعْدهَا فِي تَقْدِير اسْم، والمكسورة لَا تكون مَعَ مَا بعْدهَا اسْما، فَلَمَّا اخْتلف حكمهمَا، وَجب الْفَصْل بَينهمَا.
فَإِن قيل: فَلم خصت بِالْكَسْرِ، وخصت الْأُخْرَى بِالْفَتْح؟
قيل لَهُ: لِأَن الْكسر أثقل من الْفَتْح، و (أَن) الْمَفْتُوحَة قد قُلْنَا: إِنَّهَا وَمَا بعْدهَا اسْم، فقد طَالَتْ بصلتها، والمكسورة مُفْردَة الحكم، فَهِيَ أخف مِنْهَا، فَوَجَبَ أَن يفتح الأثقل، وَيكسر الأخف ليعتدلا.
فَإِن قيل: فَلم كسرت بعد القَوْل، وَإِذا كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام؟
قيل: لِأَنَّهَا فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ مُبتَدأَة فِي الحكم، وَإِنَّمَا وَجب ذَلِك لِأَن القَوْل إِنَّمَا وضع فِي الْكَلَام ليحكى بِهِ، والحكاية من شَأْنهَا أَلا تغير لفظ المحكي، فَإِذا قَالَ الْقَائِل: إِن زيدا منطلق، فَأَرَدْت أَن تحكي كَلَامه، وَجب أَن تَقول: قَالَ عَمْرو: إِن زيدا منطلق، كَمَا تَقول: قَالَ عَمْرو: زيد منطلق، فَصَارَ مَا بعد القَوْل يجْرِي مجْرَاه فِي حَال الِابْتِدَاء، فَلذَلِك كسرت بعد القَوْل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute