فَأَما (علمت وَرَأَيْت وَوجدت) فاستعملت على الْمَعْنيين اللَّذين ذكرناهما فِي الشَّرْح، فَجَاز أَن يخْتَلف عَملهَا لاخْتِلَاف مَعْنَاهَا.
وَأما الْأَفْعَال الَّتِي تتعدى إِلَى مفعولين إِذا لم يسم فاعلها، نَحْو: أعلمت وأريت وأنبئت، ونبئت، فَالْأَصْل: علم وَرَأى ونبأ وأنبأ، فَلَمَّا دخلت عَلَيْهَا الْهمزَة، وشددوا عين الْفِعْل، صَارَت متعدية إِلَى ثَلَاثَة مفعولين، وَقد بَينا أَن الْمَفْعُول كَانَ فِي الأَصْل مصدرا، فَلم يجز إِلَّا تعديتها، وَكَانَ أَبُو عُثْمَان الْمَازِني يُجِيز الِاقْتِصَار على الْمَفْعُول الأول، كَقَوْلِك: أعلمت زيدا، وتسكت، وعَلى هَذَا الْقيَاس يجوز ذَلِك فِي ثَانِي الْأَفْعَال، ليجري الْأَمر فِيهَا مجْرى وَاحِدًا، وَاعْلَم أَن (أعلمت) إِذا لم تسم الْفَاعِل فِيهَا، ثمَّ وسطتها بَين المفعولين، فَالْقِيَاس فِيهَا أَلا تلغى كإلغاء (ظَنَنْت) لِأَنَّهَا قد صَارَت بِالنَّقْلِ الَّذِي دخل فِيهَا بِمَنْزِلَة الْفِعْل الْمُتَعَدِّي فِي الْحَقِيقَة، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: أعلمت زيدا عمرا خير النَّاس، فقد أوصلت إِلَى زيد علما، كَمَا أَنَّك إِذا قلت: أَعْطَيْت زيدا درهما، فقد أوصلت إِلَى زيد درهما، فَلهَذَا خَالَفت بَاب (ظَنَنْت وأخواته) فاعلمه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute