الْمُبَالغَة، فَلهَذَا أجازوه. وَيجوز فِي إِدْخَال الْبَاء وَجه آخر، وَهُوَ أَنهم أَرَادوا أَن يفصلوا بَين لفظ الْأَمر الَّذِي هُوَ يُرَاد بِهِ التَّعَجُّب وَبَينه، إِذْ كَانَ أمرا فِي الْحَقِيقَة.
وَاعْلَم أَن لفظ: أحسن بزيد، لَا يتَغَيَّر لوَاحِد خاطبت أَو لاثْنَيْنِ أَو لجَماعَة، أَو لمؤنث أَو لمذكر، كَقَوْلِك: يَا زيد أحسن بِعَمْرو، وَيَا هِنْد أحسن بِعَمْرو، وَإِنَّمَا لم يخْتَلف لَفظه لِأَنَّك لست تَأمره أَن يفعل شَيْئا، وَإِنَّمَا هَذَا اللَّفْظ بِمَنْزِلَة قَوْلك: مَا أحسن عمرا، فَكَمَا أَن: مَا أحسن عمرا، لَا يتَغَيَّر، فَكَذَلِك مَا قَامَ مقَامه.
وَاعْلَم أَن الْفَصْل بَين فعل التَّعَجُّب وَمَا عمل فِيهِ لَا يجوز، هَكَذَا ذكر سِيبَوَيْهٍ، وَقد أجَاز بَعضهم الْفَصْل بَينهمَا بالظروف وحروف الْجَرّ. فَأَما امْتنَاع الْفَصْل فَلِأَن (احسن) قد لزم طَريقَة وَاحِدَة، فقد شابه من هَذَا الْوَجْه الْحُرُوف فِي الْعَمَل، وَكَانَ الْمَنْصُوب بعده - وَإِن كَانَ معرفَة - يشبه التَّمْيِيز، وَإِن كَانَ لَيْسَ بتمييز فِي الْحَقِيقَة، وَوجه شبهه بالتمييز أَنَّك إِذا قلت: مَا أحسن، فقد أبهمت، فَإِذا ذكرت زيدا أَو عمرا، بيّنت من الَّذِي قصد بالإخبار عَنهُ بِهَذَا الْمَعْنى، وَإِن لم تجْعَل نَصبه على هَذَا الْمَعْنى، لِأَن فعله مقول عَنهُ، فَجرى مجْرى الْمَفْعُول الَّذِي يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل، وَخرج من حكم التَّمْيِيز، وَهُوَ مَعَ ذَلِك: يجْرِي مجْرى الْمثل،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute