قيل لَهُ: هَذَا لَا يدل على مَا ذكرت، وَذَلِكَ أَن الْفراء الَّذِي يخالفنا فِي هَذِه الْعلَّة قد حمل الأَصْل على الْفَرْع، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: بني (قَامَ) لدُخُول التَّثْنِيَة عَلَيْهِ، والتثنية فرع على الْوَاحِد، وَقَوله: يمْتَنع أَن يبْنى الْمصدر على الْفِعْل - وَإِن كَانَ أصلا للْفِعْل - وَأَيْضًا فَإِن الشَّيْء قد يحمل على الشَّيْء فِي الاعتلال، للمشاركة بَينهمَا، وَلِئَلَّا يخْتَلف طَرِيق الْكَلِمَة، وَلَيْسَ أَحدهمَا أصلا للْآخر، أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ: وعد يعد، فيحذفون الْوَاو من (يعد) لوقوعها بَين يَاء وكسرة، ويحذفونها أَيْضا من: نعد وَأعد، وَإِن لم تكن قد وَقعت بَين يَاء وكسرة، فحملا على (يعد) لِئَلَّا يخْتَلف طَرِيق الْفِعْل، فَإِذا ثَبت أَن الْحمل فِي بَاب الاعتلال لَا يدل على أَن الْمَحْمُول على غَيره فرع على الْمَحْمُول عَلَيْهِ، لم يجب أَن يكون الْمصدر فرعا للْفِعْل، وَإِن حمل عَلَيْهِ فِي بَاب الاعتلال.
فَإِن قَالَ قَائِل: الْفِعْل يعْمل فِي الْمصدر، وَمن شَرط الْعَامِل أَن يكون قبل الْمَعْمُول فِيهِ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يجب أَن يكون الْفِعْل قبل الْمصدر؟