(أَن) ، وَهَذَا يدل على صِحَة قَول سِيبَوَيْهٍ، وَنصب (قَائِم) على الْحَال، وَالْعَامِل فِيهَا فعل تَقْدِيره: إِذا كَانَ قَائِما، وَإِذ كَانَ قَائِما، وَإِنَّمَا وَجب إِضْمَار (إِذْ وَإِذا) لِأَنَّهُمَا يدلان على الزَّمَان الْمَاضِي والمستقبل، وَلَيْسَ تَخْلُو حَال الْإِنْسَان من أَن تكون مَاضِيَة أَو مُسْتَقْبلَة، فَلهَذَا وَجب إِضْمَار (إِذْ وَإِذا) لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهَا.
وَاعْلَم أَن الْفِعْل إِذا أضيف إِلَى جنس كَانَ من جنس مَا أضيف إِلَيْهِ، فَلَمَّا أضيف (أحسن) إِلَى الْمصدر وَجب أَن يكون مصدرا، والمصادر يكون خَبَرهَا ظروف الزَّمَان، فَلهَذَا (٥١ / أ) احتجنا إِلَى إِضْمَار (إِذْ وَإِذا) ، إِذْ كَانَا ظرفين من الزَّمَان، وموضعها نصب بإضمار (اسْتَقر) ، كَمَا تَقول: (الْقِتَال الْيَوْم) ، وَلَا يجوز أَن تنصبهما ب (كَانَ) ، لِأَنَّهُمَا فِي مَوضِع جر ب (إِذْ وَإِذا) ، وَالْمَجْرُور لَا يجوز أَن يعْمل فِي الْجَار.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَلا جعلت (قَائِما) نصبا على خبر (كَانَ) أَو (يكون) الَّتِي تلِي (مَا) ؟
قيل لَهُ: لَا يجوز ذَلِك، لأَنا لَو نصبنا (قَائِما) على خبر (يكون) لَكَانَ مَعَ (يكون) من صلَة (مَا) ، وَبَقِي (أحسن) بِغَيْر خبر، فَلهَذَا بَطل أَن يكون خبر (يكون) .
وَوجه آخر: أَنه لَو كَانَ خَبرا لجَاز أَن يَقع معرفَة، وَالْعرب لَا تسْتَعْمل هَذَا إِلَّا نكرَة، فَدلَّ ذَلِك على أَنه حَال، وَلَيْسَ بِخَبَر، ولهذه الْعلَّة لم يجز أَن يكون خَبرا ل (كَانَ) المضمرة.
وَاعْلَم أَن الْحَال إِنَّمَا تجوز فِي هَذَا الْجِنْس من الْمسَائِل مَتى كَانَت رَاجِعَة إِلَى غير الْمصدر، كَقَوْلِك: ضربي زيدا قَائِما، إِنَّمَا هُوَ رَاجع إِلَى زيد وَإِلَى الْمُتَكَلّم، وَإِذا كَانَت الْحَال رَاجِعَة إِلَى نفس الْمصدر، لم يكن فِيهَا إِلَّا الرّفْع، كَقَوْلِك: ضربي زيدا شَدِيد، وَإِنَّمَا وَجب الرّفْع، لِأَن الأول هُوَ الثَّانِي، فَصَارَ قَوْلك: زيد قَائِم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute