للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأما الضَّمِير الْمَنْصُوب: فإياك وإياي وإياه، وَقد اخْتلف فِي هَذَا الِاسْم على وُجُوه:

فَكَانَ الْخَلِيل - رَحمَه الله - يَقُول: هُوَ اسْم مظهر مُضَاف نَاب عَن الضَّمِير، فاستدل على إِضَافَته بقول الْعَرَب:

(إِذا بلغ الْمَرْء السِّتين فإياه وإيا الشواب) .

فَلَو كَانَ مضمرا لم تجز إِضَافَته، لِأَن الْمُضَاف يقدر قبل الْإِضَافَة نكرَة ثمَّ يُضَاف، لِأَن الْغَرَض فِي الْإِضَافَة تَعْرِيفه، فَلذَلِك وَجب أَن يقدر نكرَة، فَلَو كَانَ الضَّمِير لَا يجوز أَن يكون نكرَة لم يجز أَن يكون مُضَافا

وَأما الْأَخْفَش فَكَانَ يَقُول: إِنَّه اسْم بِكَمَالِهِ، وَذَلِكَ أَن (إيا) لما نابت عَن الْكَاف فِي قَوْلك: ضربتك، كَانَت اسْما بكمالها، وَأَن مَا بعد (إيا) من (الْكَاف وَالْيَاء وَالْهَاء) لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب، وَأَنَّهَا مُتَعَلقَة ب (إيا) ، كَمَا تتَعَلَّق (التَّاء) من (أَنْت) ب (أَن) .

فألزم على هَذَا القَوْل أَن قيل لَهُ: لم كَانَت اسْما للمضمر، والمظهر يتَغَيَّر آخِره بانتقال الْحُرُوف، وَإِنَّمَا تنْتَقل الْأَوَاخِر بالحركات؟

فَالْجَوَاب لَهُ عَن هَذَا الْإِلْزَام: أَنه قد خص بِمَا ذكره، وَله نَظِير مَعَ ذَلِك، أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ: جَاءَنِي أَخُوك، ومررت بأخيك، وَرَأَيْت أَخَاك، فيغيرون هَذِه الْأَسْمَاء بالحروف عَلامَة للإعراب، فبتغير هَذِه الْحُرُوف جَازَ أَن تَتَغَيَّر أواخرها،

<<  <   >  >>