عَنهُ بِعَيْنِه، لِئَلَّا يتَوَهَّم سواهُ، فَأَما إِذا عطفت بِالْفَاءِ وَالْوَاو، فَقلت: وَمن زيد؟ أَو: فَمن زيد؟ فكلهم يبطل الْحِكَايَة، لِأَن حُرُوف الْعَطف لَا يبتدأ بهَا، وفيهَا دَلِيل على أَن هَذَا السُّؤَال مَعْطُوف بِهِ على كَلَام الْمُخَاطب، فاستغنوا عَن الْحِكَايَة. وَاعْلَم أَنَّك إِذا قلت: رَأَيْت زيدا، فَقلت: من زيدا؟ ف (من) فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ، وَزيد: مَوْضِعه أَيْضا رفع، لِأَنَّهُ خبر (٦٢ / أ) الِابْتِدَاء، وَإِنَّمَا نصبته بالحكاية.
فَأَما مَا لم يكن اسْما علما: فَأكْثر الْعَرَب لَا تحكيه، وَإِن كَانَ معرفَة، لِأَنَّهُ لم يكثر الْكَلَام بِهِ كَثْرَة الْأَسْمَاء الْأَعْلَام، فَجَاز فِي الْأَسْمَاء الْأَعْلَام الْحِكَايَة، وَتعْتَبر مَا تستحقه من الْإِعْرَاب، لكثرتها فِي كَلَامهم، فَأَما مَا سواهُ فَلم يكثر، فَبَقيَ على الأَصْل، لِأَن مَا بعد (من) يجب أَن يكون مَرْفُوعا على خبر (من) ، وَبَعض الْعَرَب يَحْكِي مَا لم يكن سَمَاعا، حملا على الْأَسْمَاء والأعلام، وَاعْلَم أَنَّك إِذا عطفت، فَقلت: رَأَيْت زيدا وعمراً، أَو نعت الِاسْم، فَقلت: رَأَيْت زيدا الظريف، لم يجز فِي الْكَلَام الْحِكَايَة، لِأَن طول الْكَلَام قد دلّ على أَن المسؤول عَنهُ هُوَ الَّذِي يقوم بِنَفس الْخَبَر، يبعد الْوُقُوع سُؤال آخر عَن غير الْمَذْكُور، فَأَما الِاسْم الْعلم إِذا نَعته ب (ابْن) وأضفت إِلَى الِاسْم أَبَا الأول، أَو كنيته نَحْو: رَأَيْت زيد بن عَمْرو، فالحكاية جَائِزَة فِيهِ، لِأَنَّهُ قد صَار مَعَ (ابْن) كالشيء الْوَاحِد فَفَارَقَ سَائِر النعوت، لِأَنَّهَا لم تكْثر فِي الِاسْتِعْمَال مَعَ الْمَوْصُوف بهَا، ككثرة (ابْن) إِذا كَانَ مُضَافا إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute