الاسمين المركبين، فَجعل الْفَتْح فيهمَا تبعا لما ذَكرْنَاهُ، وَلم يعوض فِي معدي كرب مَا ذَكرْنَاهُ، فاختير لَهُ السّكُون، وَإِنَّمَا وَجب أَن يكون مَا آخِره يَاء سَاكِنا، لِأَن مَا لَيْسَ آخِره يَاء من الْحُرُوف الصِّحَاح يبْنى على الْفَتْح، طلبا للتَّخْفِيف، وَكَانَت الْيَاء الَّتِي قبلهَا كسرة تخَالف الْحُرُوف الصِّحَاح من الْأَسْمَاء المعربة، فَمنع الضَّم وَالْكَسْر، استثقالاً لَهما فِي الْيَاء الَّتِي قبلهَا كسرة، فَوَجَبَ أَن يفرق بَين الْيَاء وَبَين غَيرهَا من الْحُرُوف الصِّحَاح فِي الْأَسْمَاء المبنية، فَلَمَّا كَانَت الْحُرُوف الصِّحَاح تبنى على الْفَتْح طلبا للتَّخْفِيف، وَلَيْسَ بعد الْفَتْح إِلَّا السّكُون، وَجب أَن يبْنى على السّكُون.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي دَعَا الْعَرَب أَن تجْعَل الْعشْرَة وَمَا بعْدهَا من الْآحَاد بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد، وهلا اسْتِعْمَالا على الأَصْل؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْعشْرَة لما كَانَت تدل على عدد مَخْصُوص، وَكَذَلِكَ مَا قبلهَا من الْآحَاد، نَحْو: التِّسْعَة وَالثَّمَانِيَة، قد حصل لَهَا أَسمَاء مُفْرَدَات، وَكَذَلِكَ التَّرْتِيب الَّذِي وَقع بَين الْآحَاد والعشرات هُوَ قريب من الْعشْرَة وَمَا قبلهَا من الْآحَاد، اخْتَارُوا أَن يكون لَفظهَا كَلَفْظِ عدد مُفْرد، لقُرْبه من الأَصْل، إِذْ كَانَت الْآحَاد هِيَ الأَصْل فِي الْعدَد كُله، لِأَنَّهُ من الْآحَاد يتركب، وَجعل الاسمين اسْما وَاحِدًا مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ من الْعلَّة أَنه أخف، فَلَمَّا وجدوا مساغاً لإِسْقَاط الْوَاو لخفة اللَّفْظ، وَجب أَن يجْعَلُوا الاسمين اسْما وَاحِدًا، فاعلمه.
وَاعْلَم أَن الْعشْرَة المركبة مَعَ الْآحَاد غير الْعشْرَة المفردة، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك تَقول للمؤنث: إِحْدَى عشرَة، بِكَسْر الشين وتسكينها، وَالْعشرَة المفردة لَا يجوز فِيهَا كسر الشين بِحَال، فَدلَّ ذَلِك على أَن الْعشْرَة المركبة غير الْعشْرَة المفردة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute