وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى هَذَا الْإِلْحَاق لتحصل التَّاء على لَفْظَة الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة، فَيصير هَذَا الحكم لَهما كالعوض من حذف الْوَاو.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الدَّلِيل على أصل (بنت وَأُخْت) مَا ادعيته؟
قيل لَهُ: إِن الدَّلِيل فِيمَا ذكر أَن الْمُؤَنَّث إِذا كَانَ على لفظ الْمُذكر وَجب أَن تكون عَلامَة التَّأْنِيث لاحقة للفظة الْمُذكر، كَمَا تَقول: قَائِم وقائمة، فَلَمَّا كَانَ لفظ (بنت وَأُخْت) على طَرِيق لفظ (الْأَخ وَالِابْن) وَجب أَن تكون عَلامَة التَّأْنِيث لاحقة على لفظ الْمُذكر، فَلَمَّا كَانَ الْأَخ يُقَال فِي تثنيته: أَخَوان، علمنَا أَن أَصله (أَخُو) وَأَن حق التَّأْنِيث أَن يدْخل على هَذَا اللَّفْظ، فَلهَذَا (٩ / أ) وَجب أَن تكون أُخْت: أخوة.
وَأما (بنت) فَكَمَا أَنا نقُول فِي الْمُذكر: بنُون، علمنَا أَن الأَصْل الْفَتْح، وَأَن (بِنْتا) كَانَ حَقّهَا أَن تَجِيء مَفْتُوحَة الْيَاء على حد الْفَتْح فِي (بَنِينَ) وَلكنهَا غيرت لما ذَكرْنَاهُ من الْإِلْحَاق، فَإِذا جمعت لم يكن بُد من حذف التَّاء فِي الْوَاحِد، لِأَنَّهَا لم تخرج بِالْكَلِمَةِ عَن حكم عَلامَة التَّأْنِيث، بل فيهمَا حكم الْعَلامَة، وَإِن كَانَت قد أجريت مجْرى الْحَذف الْأَصْلِيّ، وَلَيْسَت بتاء مُجَرّدَة زيدت للإلحاق الْمُجَرّد، لِأَن مَا زيد للإلحاق الْمُجَرّد لم يتَغَيَّر، لَا فِي تَثْنِيَة وَلَا فِي جمع، لِأَنَّهُ قد أجْرى مجْرى الْأَصْلِيّ، أَلا ترى أَن الْيَاء زَائِدَة للإلحاق ب (قنديل) وَلَا يتَغَيَّر، فَلَمَّا كَانَت تَاء (بنت وَأُخْت) لَيست خَالِصَة للإلحاق، ثمَّ جمعُوا الِاسْم بِالْألف وَالتَّاء، لم يكن بُد من حذف التَّاء فِي الْوَاحِد، إِذْ فِيهَا حكم التَّأْنِيث، فَلم يجز الْجمع بَين تأنيثين، فَلَمَّا وَجب حذفهَا بَطل حكم الْإِلْحَاق، فَوَجَبَ أَن ترد الْكَلِمَة إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute