الْخَمْسَة عشر درهما، وَإِنَّمَا كَانَ الْبناء مَعَ الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة، لِأَن خَمْسَة عشر فِي بَابه وَجب لَهُ الْبناء فِي حَال تنكيره، وَإِنَّمَا ترد الْإِضَافَة وَالْألف وَاللَّام الْمَبْنِيّ إِلَى الْإِعْرَاب إِذا بَقِي فِي حَال التَّعْرِيف، نَحْو: قبل وَبعد، فَإِذا أضيفا قدرا نكرتين، فَزَالَ عَنْهُمَا الْمَعْنى الْمُوجب للْبِنَاء، وَهُوَ التَّعْرِيف، وَأما خَمْسَة عشر فَلم تزلهما الْإِضَافَة عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ فِي حَال الْإِفْرَاد، فَلهَذَا وَجب أَن يبقيا على مَا كَانَا عَلَيْهِ من الْبناء. وَأما من أعربهما فِي حَال الْإِضَافَة، فَلِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ يقوم مقَام التَّنْوِين، فَكَأَن خَمْسَة عشر لما أضيفت نونت، والتنوين يُوجب لَهما الْإِعْرَاب، وَكَذَلِكَ مَا قَامَ مقَامه، وَهَذِه حجَّة ضَعِيفَة، لأَنا قد وجدنَا مُضَافا مَبْنِيا، فَلَو كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ يُوجب هَذَا الحكم، اسْتَوَى ذَلِك فِي كل مُضَاف فَلَمَّا وجدنَا بعض المضافات مَبْنِيا، علمنَا أَن الْإِضَافَة لَا توجب إِعْرَاب الْمُضَاف فِي كل مَوضِع، فَأَما مَا بني وَهُوَ مُضَاف، نَحْو قَوْله تَعَالَى:{من لدن حَكِيم عليم} ، وَهِي مَعَ ذَلِك مَبْنِيَّة، وَكَذَلِكَ خَمْسَة عشرك أَن يكون بَاقِيا على حكم الْبناء، وَإِن كَانَ مُضَافا.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم ركبت الاسمين مَعَ أحد عشر إِلَى تِسْعَة عشر، وَلم يجْعَلُوا مَا بعد الْعشْرَة اسْما وَاحِدًا مُفردا يخْتَص بِهِ، كَمَا جعل فِيمَا قبل الْعشْرَة؟
قيل لَهُ: الَّذِي منع ذَلِك أَن الْأَعْدَاد يُمكن تكثيرها إِلَى غير نِهَايَة، وَلَو جعلُوا لكل مَا يُضَاف من الْأَعْدَاد اسْما، لأضافوا من الْأَسْمَاء مَا لَا نِهَايَة لَهُ، وَهَذَا محَال،