وَالثَّانِي: أَن تكون همزته منقلبة من يَاء مُلْحقَة، نَحْو: علْبَاء وحرباء، وهما ملحقان بسرداح، بياء بعد الْألف، لِأَن الْيَاء إِذا وَقعت طرفا وَقبلهَا ألف كَانَت همزَة، فَلذَلِك كَانَت الْهمزَة أولى مِنْهَا، وَهِي أَيْضا أولى من الْهَاء، لِأَن الْهَاء خُفْيَة وتحتاج إِلَى بَيَان، وَلِأَن الْهمزَة أجلد مِنْهَا، صَارَت أولى.
فَإِذا نسبت إِلَى مَا همزته (٨٤ / أ) للتأنيث قلبتها واواً عِنْد أهل الْبَصْرَة، فَتَقول: حمراوي وخنفساوي، وَكَذَلِكَ حكم جَمِيع الْبَاب، وَإِنَّمَا جَازَ بَقَاء الْهمزَة الَّتِي هِيَ بدل من هَاء التَّأْنِيث مَعَ يَاء النِّسْبَة، وَلم تحذف، كَمَا حذفت الْألف الْمَقْصُورَة، لِأَنَّهَا خرجت فِي اللَّفْظ من التَّأْنِيث، إِذْ كَانَت الْهمزَة فِي نَفسهَا لَيست مِمَّا يؤنث بهَا، فجرت مجْرى حرف لَيْسَ للتأنيث، فَلذَلِك لم تحذف.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَلا حذفت كَمَا يحذف الِاسْم المضموم إِلَى مَا قبله؟
قيل لَهُ: قد بَينا أَن التَّأْنِيث بِالْألف مُخَالف لحكم التَّأْنِيث بِالْهَاءِ، إِذْ كَانَ الِاسْم بني على ألف التَّأْنِيث، فَلهَذَا الْوَجْه صَار كبعض حُرُوفه، وخالفت حكم الِاسْم المضموم إِلَى مَا قبله، وَإِنَّمَا وَجب قَلبهَا واواً، ليفصلوا بَين الْهمزَة الَّتِي هِيَ بدل من حرف التَّأْنِيث وَبَين الْهمزَة الَّتِي هِيَ على خلاف ذَلِك، إِذْ كَانَت الْهمزَة تمنع الِاسْم الصّرْف، وَغَيرهَا لَا تَأْثِير لَهُ، وصورتهما وَاحِدَة سَوَاء، ففصلوا بَينهمَا بِالْقَلْبِ، ليدلوا على اخْتِلَاف حكمهمَا، وَإِنَّمَا كَانَت همزَة التَّأْنِيث بِالْقَلْبِ أولى، لِأَن حكم التَّأْنِيث فِيهَا مَوْجُود، وَهُوَ الْمُوجب لثقل الِاسْم، وَكَانَت يَاء النِّسْبَة توجب أَيْضا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute