أَن تقع قبلهَا كسرة، لِأَن ذَلِك أَيْضا يُوجب قَلبهَا يَاء، وَلم يجز أَن تقع قبلهَا ضمة، لأَنهم أَرَادوا الْفَصْل بَين الِاسْم وَالْفِعْل فِي هَذَا الحكم، فقلبوا كل وَاو تقع طرفا وَقبلهَا ضمة إِلَى الْيَاء، ليفصلوا بَين الِاسْم وَالْفِعْل، نَحْو: يَغْزُو وَيَدْعُو، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنهم يَقُولُونَ فِي جمع دلو: أدل، بِهَذَا، وَالْأَصْل: أدلو، كَمَا يُقَال فِي جمع فلس: أفلس، فَبَان بِمَا ذَكرْنَاهُ أَنهم يقلبون كل وَاو تقع طرفا فِي الِاسْم وَقبلهَا ضمة إِلَى الْيَاء لما ذكرنَا، وَلَا بُد من كسر مَا قبلهَا لتسلم، لِأَنَّهُ لَو بَقِي مَا قبل الْيَاء مضموما عَادَتْ واوا، فَبَان أَنهم قصدُوا الْفَصْل بَين الِاسْم وَالْفِعْل بِهَذَا التَّغْيِير.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم صَار التَّغْيِير بِالِاسْمِ أولى من الْفِعْل؟
قيل لَهُ: إِن الِاسْم يلْحقهُ فِي آخِره عَلامَة الْإِضَافَة وَالنِّسْبَة، ويدخله التصغير وَالْجمع المكسر والترخيم مَعَ الْإِعْرَاب، فَصَارَت تغييرات تلْحق الِاسْم دون الْفِعْل، فَلَمَّا احتاجوا إِلَى تَغْيِير أَحدهمَا، كَانَ التَّغْيِير لما يلْزمه التَّغْيِير فِي كثير من أَحْوَاله ألزم وَأولى مِمَّا لَا يلْزمه التَّغْيِير.
قَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش: اعْلَم أَن الْأَسْمَاء الْمَقْصُورَة إِنَّمَا ألزمت وَجها وَاحِدًا، لِأَن أواخرها لَا تَخْلُو من أحد أَمريْن: إِمَّا أَن تكون منقلبة من وَاو أَو يَاء، أَو تكون للتأنيث غير منقلبة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute