بِمَعْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ الْفِعْل قد حصل على الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة، وَكَانَ الِاسْم هُوَ الأَصْل فِي الْإِعْرَاب، كَانَ وُقُوع الْفِعْل فِي مَوْضِعه أقوى أَحْوَاله، فَوَجَبَ أَن يعْطى أقوى الحركات، وَهُوَ الرّفْع، وَلما كَانَ وُقُوعه مَعَ غَيره موقع الِاسْم دون ذَلِك فِي الرُّتْبَة، جعل لَهُ النصب، وَلما كَانَ وُقُوعه فِي مَوضِع لَا يَصح وُقُوع الِاسْم فِيهِ، فَبعد بذلك من شبه الِاسْم بعدا شَدِيدا، أعطي من الْإِعْرَاب مَا لَا يَصح دُخُوله على الِاسْم، لبعد شبهه مِنْهُ، وَهُوَ الْجَزْم.
وَالْفراء يَقُول: إِن الْفِعْل الْمُضَارع يرْتَفع بسلامته من النواصب والجوازم.
وَعند الْكسَائي: (١٢ / ب) إِنَّه يرْتَفع بِمَا فِي أَوله من الزَّوَائِد.
فَأَما قَول الْكسَائي فَظَاهر الْفساد، لِأَن هَذِه الزَّوَائِد لَو كَانَت عاملة رفعا، لم يجز أَن يَقع الْفِعْل مَنْصُوبًا وَلَا مَجْزُومًا، وَهِي مَوْجُودَة فِيهِ، لِأَن عوامل النصب لَا يجوز أَن تدخل على عوامل الرّفْع، لِأَنَّهُ لَو دخل عَلَيْهِ لَكَانَ يجب أَن يبْقى حكمهَا، فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى أَن يكون الشَّيْء مَرْفُوعا مَنْصُوبًا فِي حَال، وَهَذَا محَال، فَلَمَّا وجدنَا هَذَا الْفِعْل ينصب ويجزم، والحروف فِي أَوله مَوْجُودَة، علمنَا أَنَّهَا لَيست عِلّة فِي رَفعه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute