وحروف الْعَطف وَمَا أشبههَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: فالألف وَاللَّام يخْتَص بِالِاسْمِ وَلَا يعْمل فِيهِ، وَكَذَلِكَ (السِّين وسوف) قد يخْتَص بِالْفِعْلِ وَلَا يعْمل فِيهِ؟
قيل لَهُ: قد أخبرنَا فِي الأَصْل بِأَن قُلْنَا: إِن الْعَامِل من الْحُرُوف مَا لزم الِاسْم وَالْفِعْل، وَلم يكن كجزء مِنْهُ، أَلا ترى أَنَّهَا تحدث فِي الِاسْم النكرَة تعريفا، والتعريف قد يَصح فِي النكرات لمواطآت المخاطبين، فَدلَّ أَنه لَيْسَ لَهَا زِيَادَة حكم الِاسْم، لِأَنَّهَا إِنَّمَا تدخل لتعيينه، وَكَذَلِكَ (السِّين وسوف) تعين الْأَفْعَال الَّتِي كَانَ مِنْهَا تحْتَمل الْحَال والاستقبال، وَإِنَّمَا عينت بهما ذَات الْفِعْل الَّذِي كَانَ يَصح أَن يفهم تَخْصِيصه بِغَيْرِهِمَا.
وَكَذَلِكَ (قد) إِنَّمَا هِيَ لتوقع ذَات الْفِعْل، فَلم تدل على أَكثر مَا تحتمله نفس الْفِعْل، فجرت مجْرى بعض حُرُوفه، فَلهَذَا لم تعْمل شَيْئا، وَفَارَقت سَائِر العوامل.
وَإِنَّمَا وَجب أَن يكون مَا دخل على الِاسْم مرّة، وعَلى الْفِعْل مرّة لَا يعْمل شَيْئا، لِأَن الْأَفْعَال نوع مُخَالف لنَوْع الْأَسْمَاء، فَيجب أَن يكون عاملها مُخْتَلفا، فَإِذا اتّفق دُخُول الْحَرْف عَلَيْهَا، وَلم يخْتَص أَحدهمَا دون الآخر لم يجز أَن يعْمل فِيهَا، لِأَن ذَلِك يُؤَدِّي أَن يصير مَا يعْمل فِيهَا شَيْئا وَاحِدًا، وَقد بَينا أَن اخْتِلَاف نوعيهما يُوجب اخْتِلَاف عواملهما، فَلهَذَا لم يعْمل هَذَا النَّوْع من الْحُرُوف.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم شَرط فِي (هَل) أَن يكون بعْدهَا اسمان؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute