وَإِذا كَانَ ذَلِك على مَا ذَكرْنَاهُ سقط مَا اعْتمد عَلَيْهِ أَبُو بكر، وَصَحَّ مَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ. وَإِنَّمَا وَجب أَن تعرب (أَي) فِي حَال الْإِفْرَاد؛ لِأَن الْإِضَافَة تعاقب التَّنْوِين وَهِي متضمنة للإضافة، فَلَمَّا زَالَ لفظ الْإِضَافَة رَجَعَ التَّنْوِين، وَمَتى حصل التَّنْوِين الَّذِي هُوَ عَلامَة الِانْصِرَاف فِي الِاسْم، وَجب أَن يعرب.
فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ الْإِضَافَة تقوم مقَام التَّنْوِين فقد اسْتَويَا، فَلم صَار فِي حَال الْإِضَافَة أولى من حَال الْإِفْرَاد؟
قيل لَهُ: لِأَنَّهَا إِذا بنيت فِي حَال الْإِضَافَة، فَإِنَّمَا دَخلهَا نقص وَاحِد بِالْبِنَاءِ، فَيحمل بناؤها فِي هَذِه الْإِضَافَة لخفة حكمه، فَإِذا أفردت كَرهُوا ان يجمعوا عَلَيْهَا حذف الْمُضَاف وَالْبناء، فَإِذا تمت بصلتها فَلَا بُد من إعرابها، وَهَذَا يُقَوي مَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ، لِأَن معنى الْحِكَايَة لَا يتَغَيَّر بِإِظْهَار المبتدإ بعد (أَي) ، فَلَمَّا جدنا الْعَرَب تنصب (أيا) إِذا تمت بصلتها، وتضمها إِذا حذفت مِنْهَا الْمُبْتَدَأ، علمنَا أَن الضَّم بناؤها دون مَا سواهُ، وتمامها أَن تَقول: لَأَضرِبَن أَيهمْ هُوَ قَائِم. وَبَعض الْعَرَب يعربها، وَإِن حذفت مِنْهَا الْمُبْتَدَأ، وَهِي لُغَة جَيِّدَة، ووجهها: أَن (أيا) قد بَينا تمكنها واستحقاقها للإعراب، وَسبب الْحَذف بعْدهَا للاستخفاف، وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون مَا حذف للاستخفاف يُؤثر فِي إِزَالَة تمكن الِاسْم.
فَإِن قيل: فَلم قبح اسْتِعْمَال (الَّذِي) إِذا حذف من صلته الْمُبْتَدَأ، وَلم يقبح ذَلِك مَعَ (أَي) ؟
قيل: يجوز أَن يكون ذَلِك؛ لِأَن (أيا) لَا تنفك من الْإِضَافَة، فَيصير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute