للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلْيَكُن الْملك عَلَيْهَا مُقْتَصرا ولأمر الله تَعَالَى فِيهَا ممتثلا فَإِنَّهُ نَائِب عَن الْكِفَايَة فِيهَا زعيم بتولي مصالحهم بهَا

فَإِن اتبع أمره فِي أَخذهَا وعطائها أجابت النُّفُوس إِلَى بذلها طَوْعًا وَلم يلتمسها إِلَّا مُسْتَحقّ وَكفى أَن لَا يُطَالب بالمحال كَمَا لم يَطْلُبهُ فَسلم دينه واستقام ملكه وَرَضي جنده وصلحت رَعيته

وَإِن تجَاوز حكم الشَّرْع فِي طلب مَا لَا يسْتَحق نفرت مِنْهُ النُّفُوس فَلم يجب إِلَى بذله إِلَّا بالعنف الْخَارِج عَن قوانين السياسة وَعَاد بِالنَّقْصِ بالحقوق الْوَاجِبَة وانفتحت عَلَيْهِ المطامع فِي الْمُطَالبَة بِمَا لَا يجب كَمَا طَالب بِهِ لِأَن من جازف فِي الْأَخْذ جوزف فِي الطّلب وَمن ناصف نوصف فَلَا يَفِي بِزِيَادَة أَخذه بِزِيَادَة جزفه

ثمَّ هُوَ بَين نفور رَعيته واشتطاط أعوانه وَلَيْسَ مَعَ هذَيْن ملك يسْتَقرّ

فليحذر الْملك مِمَّا حذره الله من تحيف عباده وليمتثل أمره فِي مصَالح بِلَاده وليقم رَعيته مقَام عباده وحشمه اللائذين بِهِ وبكنفه والداخلين فِي كفَالَته فِي ارتياد موادهم وانتظام اكتسابهم وكف الْأَذَى عَنْهُم فهم من أمانات الله ٥٨ ب الَّتِي استودعه حفظهَا وكفله الْقيام بهَا فَلَا يهمل مُرَاعَاة أَمَانَته وَلَا يغْفل عَن الْقيام بِحقِّهِ فيصيروا رعية قهر وفرية دهر يستنفد أَحْوَالهم تحيف السُّلْطَان وجوائح الزَّمَان فسيؤاخذ بهم مَعَ فَسَاد ملكه

<<  <   >  >>