للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كان بهذه الصفة مقبلاً على الحق إذا تبين له، راجعاً تائباً عن ضده من الباطل، فإن الله يهديه حيث اقتضت حكمته أن يهدي من طلب الهداية وسعى لها.

أما الذي ليس له همة في معرفة الحق، أو عرفه ولم يقم به شوق ولا طلب له، ولم يرفع به رأساً، فهبة الله أغلى من أن تعطى لمن لا يقدرها، ولم ينبعث لطلبها.

ونور الهداية الذي يقذفه الله في قلب المؤمن يحدث أثراُ عظيماً على وظائف القلب، أهمها توجيه وظيفة التعقل الوجهة الصحيحة، حيث يركن إلى الوحي وحده، يستقي منه العقائد والشرائع، فلا يزال القلب يتعقل المعارف والحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتبنى عقائده على أساس ثابت، وتُغذى عواطفه بمعين الخير الصافي، ويخرج ما يضاد ذلك من ظلمات الجاهلية، ويزداد ذلك بازدياد العلم الوارد إلى القلب، فلا يزال الخير إليه واصل، والشر منه نازل، حتى يصلح القلب ويستنير، فتنبعث الجوارح بالعبودية لله عن علم به وبحقه سبحانه.

فالقلب الذي رسخت عقائده بالدلائل البينات، وتوجهت عواطفه إلى الله بالحب والرغبات ميلاً إليه، وإعراضاً عمن سواه، وأصبحت إراداته وانفعالاته طوعاً لمراد الله وشرعه، هذا القلب هو المحصن بإذن الله من الشبهات التي يزخرفها شياطين الإنس والجن أو الشهوات التي يزينونها.

وحصانة القلب وعمرانه بالخير لا بد لها من أن يكون طاهراً زكياً،

<<  <  ج: ص:  >  >>