للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنهما عند غيرهم ليسا كذلك، ولا سيما عند السلف الذين يطلقون السنة في مقابل البدعة فتشمل الكتاب والسنة والشريعة، وليس ذلك لـ "الحديث"؛ فالحديث إذن مصطلح علمي فني أضيق من "السنة".

وعلى هذا: فهنالك فرق بين مصلطح "أهل السنة" و"أهل الحديث"، وإن عبر بأحدهما عن الآخر في أبواب الاعتقاد لما بينهما من التقارب في الغالب؛ وإلا فقد يكون المرء من أهل السنة، وليس من أهل الحديث من الناحية الصناعية؛ أي: ليس بمحدث.

وقد يكون المرء من أهل الحديث صناعة وليس هو من أهل السنة فقد يكون مبتدعًا؛ ولذلك قال عبد الرحمن بن مهدي: "الناس على وجوه؛ فمنهم من هو إمام في السنة إمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث؛ فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري"١.

وقال الإمام ابن الصلاح: وقد سئل عن الفرق بين السنة والحديث في قول بعضهم عن الإمام مالك أنه جمع بين السنة والحديث؛ قال: "السنة هنا ضد البدعة، وقد يكون الإنسان من أهل الحديث وهو مبتدع، ومالك رضي الله عنه جمع بين السنتين؛ فكان عالمًا بالسنة؛ أي: لحديث - ومعتقدًا للسنة- أي كان مذهبه مذهب أهل الحق من غير بدعة"٢.

لكن في الغالب أن أهل الحديث على السنة؛ لأنهم حملتها، وأقرب الناس إليها، وهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقله سنته، والمبتدع فيهم قليل بل الغالب عليهم الإتباع.

فإذا قيل: "أهل الحديث" في كتاب العقائد، فالمراد أهله رواية ودراية


١ اللالكائي، شرح أصول السنة ١/ ٦٣.
٢ فتاوى ابن الصلاح ١/ ٢١٣.

<<  <   >  >>