وأما الصنف الثالث "وهم الذين قصروا وفرطوا في هذا الباب": فمنهم
كل من أنكر أو نفى شيئًا مما ثبت لهم، كقول المعتزلة والجهمية بنفي كرامات الأولياء، بحجة أنه لو جاز ظهور الخوارق على أيديهم لالتبس النبي بغيره؛ إذ الفرق بين النبي وغيره وهو المعجزة التيهي الخارق للعادة.
قال ابن ابي العز في الجواب عن شبهتهم هذه:"وهذه الدعوى إنما تصح إذ كان الولي يأتي بالخارق ويدعي النبوة، وهذا لا يقع، ولو ادعى النبوة لم يكن وليًا؛ بل كان متنبيًا كذابًا"١.
وأعلم أن أهل التصوف، قد فرطوا في حق الصالحين أيضًا من وجوه.
الوجه الأول: أنهم جعلوا من ليس بصالح صالحًا، ومن ليس بولي وليًا؛ فقصروا في حق الأولياء، الأتقياء المتبعين للشرع، وافرطوا في حق من زعمهم أولياء ممن هو تارك للصلوات مرتكب للمحرمات.
الوجه الثاني: على فرض أن من غلو فيه كان صالحًا تقيًا؛ فإنهم في الواقع يعدون مفرطين مقصرين؛ إذ لم يقتدوا به في صلاحه وتقواه والسير على