عرفنا فيما تقدم موقف الخوارج وأئمة الاعتزال والشيعة الروافض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبين لنا مبلغ ابتعاد القوم عن الاعتدال والتوازن في هذا الباب، وجنوحهم إلى طرفي الإفراط والتفريط.
وفي هذا المبحث، سأورد قول أهل السنة واعتقادهم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خلال ما دونه بعض أئمة أهل السنة في أوقات وأزمان مختلفة متفاوتة، ومع ذلك فقولهم واحد لا تضارب فيه ولا اختلاف؛ لأنه ينبع من أصول ثابتة ينهل منها الجميع في كل عصر ومصر، كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع سلف الأمة.
وسيظهر من خلال أقوالهم مدى توسطهم واعتدالهم واقتصادهم في ذلك، كما سأشير إلى مظاهر ذلك في آخر المبحث بإذن الله.
عقيدة أهل السنة في الصحابة:
دون كثير من الأئمة عقيدة أهل السنة في هذا الباب وغيره، وهذه نماذج مختصرة من أقوالهم.
- يقول الإمام أحمد في بيان عقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم: "ومن السنة: ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين، والكف عن الذي شجر بينهم؛ فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدًا فهو مبتدع رافضي.
حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآرائهم فضيلة.
وخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر،