للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يشهدون لجميع الأنبياء عليهم السلام على أممهم١، وقبول الشهادة دليل العدالة، يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: وشهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على جمع الأمم يوم القيامة برهان على عدالة هذه الأمة وشرقها، ومضمون هذا أن هذه الأمة يشتهد بهم الأنبياء على أممهم، ولولا اعتراف أممهم بشرف هذه الأمة لما حصل إلزامهم بشهادتهم"٢.

وشهادة هذه الأمة على الأمم شهادة حق وعدل؛ لأنها ما شهدت إلا بما علمت وإن كانت لم تشاهد ولم تحضر، لكنها شهدت بشهادة كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. شهد لديها بصدق الرسل وتبليغهم أممهم دعوة ربهم؛ فشهدت بذلك. أخرج ابن ماجه من حديث أبي سعيد؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذل وأقل، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم فيدعي قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا؛ فيقال: من شهد لك؛ فيقول: محمد وأمته فتدعي أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم. فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك، أن الرسل قد بلغوا فصدقناه. قال: فذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ٣.

وكما تشهد هذه الأمة على الأمم السالفة في الآخرة فتقبل شهادتها، كذلك يشهد بعضها على بعض، فتمضي وتعتبر عند الله عز وجل كما هي ماضية معتبرة عند خلقه؛ لأن الله جعلها شاهدة على خلقه.


١ كما جاء في روايات أخرى. انظر: نفس الصفحة.
٢ النهاية في الفتن والملاحم ٢/ ٩.
٣ جه: كتاب الزهد، باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ٢/ ١٤٣٢، ح ٤٢٨٤.
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: "صحيح". انظر: صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٢٥.

<<  <   >  >>