للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمع هرقل١ للمسملين الجموع وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لوقعة اليرموك، ردوا على أهل حمص٢ ما كانوا أخذوا منهم من الخراج، وقالوا: قد شغلنا عن نصرتكم، والدفع عنكم؛ فأنتم على أمركم، فقال أهل حمص: "لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم٣، ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم"٤.

وكان أهل حمص نصارى، صالحهم المسلمون على أن يدفعوا الجزية والخراج ويتكفل ولي أمر ولي أمر المسلمين بحمايتهم، ودفع الأعداء عنه، وقد كانوا قبل حكم المسلمين تحت حكم الروم وهم على دينهم.

فلما رأى المسلمون أنهم غير قادرين على الوفاء لهم بشرط الحماية، ردجوا عليهم ما أخذوا منهم.

فأكبر ذلك أهل حمص؛ لأنهم لم يعهدوا مثله في أمة غير المسلمين، وأشادوا بعدل المسلمين وحسن ولايتهم عليهم، وأنهم أحب إليهم من الروم مع كونهم على دينهم.

وهذه شهادة صريحة بعدالة هذه الأمة، نبعث من واقع عاشه القوم تحت لواء المسلمين، لمسوا خلاله من العدالة، والرحمة، والمساحة ما لم يعرفوا من قبل.

٢- وهذا اعتراف آخر وشهادة أخرى من أهل وادي الأردن:


١ هرقل: ملك الروم.
٢ حمص "بكسر الحاء المهملة" قل الحموي: بلد مشهور قديم بين دمشق وحلب، بناه رجل يقال له حمص بن المهر بن جان. انظر: معجم البلدان ٢/ ٣٠٢.
٣ الغشم: الظلم والغصب. انظر: لسان العرب ١٢/ ٤٣٧. مادة "غشم".
٤ فتوح البلدان ص ١٤٣.

<<  <   >  >>