للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء؛ فقلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل التراب لي طهورًا، وجعلت أمتي خير الأمم" ١.

فهذه النصوص تدل على ثبوت عموم الخيرية لعموم هذه الأمة، وإن كان قد وردت بعض الآثار تدل على أن المراد: الصحابة أو بعضهم؛ ولكن كلها آثار موقوفة أو مقطوعة، ذكرها الإمام ابن جرير الطبري٢، ثم رجع أن المراد عموم الأمة؛ فقال عقب ذكره قول الحسن: "نحن آخرها وأكرمها" "وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قال الحسن"٣، ثم ذكر حديث بهز بن حكيم المتقدم٤. كذا رجح ابن كثير حمل الآية على العموم فقال: "والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم"٥.

ورجح ذلك الحافظ ابن حجر أيضًا٦:

وما رجحه هؤلاء الأئمة هو الحق؛ فإن النصوص الصحيحة صريحة في العموم، وما جاء من الآثار في تخصيص ذلك ببعض الأمة كالصحابة أو بعضهم، لا يقوى على ذلك إذ ليس شيء منها مرفوعًا.


١ حم: ١/ ٩٨، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وحسنه الحافظ ابن حجر ٨/ ٢٢٥، وقال ابن كثير: تفرد به أحمد من هذا الوجه، وإسناده حسن" ٢/ ٧٨، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. انظر: المسند بشرح أحمد شاكر ٢/ ١١٣، الثالثة، وعمدة التفسير ٣٢/ ٢١.
٢ انظر: التفسير ٧/ ١٠٠- ١٠٤.
٣ نفس المصدر والجزء ص ١٠٤.
٤ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تتمون سبعين أمة".
٥ تفسير القرآن العظيم ٢/ ٧٧.
٦ انظر: فتح الباري ٨/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>