للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ظلمات الجهل والشك، والوثنية، إلى نور التوحيد والإيمان، وتحريرهم من عبودية العباد إلى عبودية الخالق جلا وعلا، كما قال ربعي بن عامر١ رضي الله عنه لرستم٢ قائد الفرس لما سأله: ما جاء بكم؟ قال: "الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام؛ فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه؛ فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه، حتى نقضي إلى موعود الله. قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي"٣.

لقد كان هذا الصحابي الجليل خير سفير لهذه الأمة إلى رستم وقومه، ترجم لهم مهمة هذه الأمة، وهدفها، وهو أنها لم تخرج لطلب مال، أو ملك، أو أرض، وغنما أخرجها الله، وابتعثها، كما قال عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} بالبناء للمجهول للدلالة على أنها لم تخرج بنفسها لهوى أو مصلحة ذاتية؛ وإنما أخرجت للناس، الله هو الذي أخرجها؛ لتدعوا بنفسها لهوى أو مصلحة ذاتية؛ وإنما أخرجت للناس، الله هو الذي أخرجها؛ لتدعو الخلق إلى عبادة الخالق دون المخلوق، ليس لها هدف سوى ذلك. فإن هو تحقق كان ذلك غاية ما تطمح إليه وتسعد به "فمن قبل منا ذلك، قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا".

من أجل ذلك كانت هذه الأمة خير الأمم للناس؛ لأنها تدعوهم إلى


١ هو: ربعي بن عامر بن خالد، أمد به عمر المثنى بن حارثة، وكان من ِأشراف العرب، وكان على مجنبه جيش أبي عبيدة إلى العراق، وله ذكر في غزوة نهاوند، وولاه الأحنف بن قيس لما فتح خراسان على طخارستان. قال ابن حجر: "وقد تقدم غيره مرة أنهم كانوا لا يؤمرون إلا الصحابة". الإصابة ١/ ٥٠٣.
٢ وهو: رستم بن الفرخزاذ الأرمني، قائد الفرس في القادسية. انظر: ابن كثير، البداية والنهاية ٧/ ٣٨.
٣ ابن جرير، تاريخ الأمم والمملوك ٣/ ٥٢٠. وانظر: ابن كثير، البداية والنهاية ٧/ ٤٠.

<<  <   >  >>