للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشار إليه الحق تبارك وتعالى في غير ما آية من كتابه العزيز كقوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ١، وقوله: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} ٢.

وقوله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون} ٣.

وذلك لأن الله عز وجل لم يتكفل بحفظها؛ وإنما وكل ذلك إلى أهلها فضيعوا وحرفوا وبدلوا. قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} ٤.

قال الشيخ محمد الأمين -رحمه الله عليه: "فإن قيل: ما الفرق بين التوراة والقرآن؛ فإن كلا منهما كلام الله أنزله على رسول من رسله صلوات الله عليهم، والتوراة حرفت، وبدلت. والقرآن محفوظ من التحريف والتدبيل، ولو حرف منه أحد حرفًا واحدًا فأبدله بغيره أو زاد فيه حرفًا أو نقص منه آخر لرد عليه آلاف الأطفال من صغار المسلمين فضلًا عن كبارهم؟

قال: فالجواب: أن الله استحفظهم التوراة، واستودعهم إياها؛ فخانوا الأمانة ولم يحفظوها، بل ضيعوها عمدًا، والقرآن العظيم لم يكل الله حفظه إلى


١ سورة البقرة آية ٧٥.
٢ سورة البقرة آية ٧٩.
٣ سورة آل عمران ٧٨.
٤ سورة المائدة آية ٤٤.

<<  <   >  >>