للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الإلهية؛ فإنها ليست معجزة والله أعلم"١.

وبعد: فهذا غيض من فيض من فضائل هذا الكتاب العظيم، الذي أنزل على هذه الأمة؛ فهو الكتاب الوحيد الذي وصفه الله بأنه أحسن الحديث، والكتاب الوحيد الذي تكفل الله بحفظه وصيانته من بين سائر كتبه، وهو الكتاب الذي جعله الله مهيمنًا وشاهدًا على ما قبله من الكتب، حاويًا لأفضل وأحسن ما جاء فيها، وزايدًا عليها بفضائل كثيرة وهو الكتاب الوحيد الذي تحدي الله الجن والإنس أن يأتوا بمثله أو بمثل سورة من سوره.

وإن اختيار الله عز وجل لكتاب بهذه العظمة وهذا الفضل ليكون الكتاب الذي ينزل على هذه الأمة ليدل على فضل هذه الأمة وخيريتها.

يقول الإمام ابن كثير -يعد إيراده حديث بهز بن حكيم: "أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله"٢-: "وإنما فازوا بهذه ببركة الكتاب العظيم القرآن الذي شرفه الله على كل كتاب أنزله وجعله مهيمنًا عليه وناسخًا له وخاتمًا له"٣.

وقال الحافظ ابن حجر مبينًا مناسبة إيراد الإمام البخاري لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم، كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ومثلكم ومثل اليهود والنصارى، كمثل رجل استعمل عمالًا؛ فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود، فقال: من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر؟ فعملت النصارى، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين، قالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاء،


١ تفسير القرآن العظيم ١/ ٨٩.
٢ تقديم تخريجه. انظر: ص ٢٠٥ هامش ٤، وص ٢٠٨ هامش ٧.
٣ انظر: ابن كثير، فضائل القرآن ص٦١ "ط. مكتب مشرق لطباعة الأوفست- طنطا، نشر: مكتبة الصحابة".

<<  <   >  >>