للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأزكاهم، وأنهم منزهون عن الدنايا مبرؤون من كل سوء، صادقون في أقوالهم، قدوة وأسوة في أفعالهم وأعمالهم، لا يأتون منكرًا ولا يقولون زورًا، ولا يستحقون ذمًا ولا يستوجبون عقابًا، أمرنا الله بالاقتداء، بهم واتباع هديهم فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ١.

وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} ٢.

وترى محبتهم واجبة، ونصرتهم لازمة؛ لذلك كان نبيها ورسولها محمد صلى الله عليه وسلم، أحب إليها من النفس والمال، والولد والوالد، كما جاء في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" ٣. وفي حديث عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر" ٤.

ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفدون النبي صلى الله عليه وسلم بأموالهم وأنفسهم، فكان منهم من يقيه بجسده وقع السهام والنبال كما صنع أبو دجانة٥


١ سورة الأنعام آية ٨٩- ٩٠.
٢ سورة الأحزاب آية ٢١.
٣ خ: الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان ١/ ٥٨، ح ١٥.
٤ خ: الإيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم ١١/ ٥٢٣، ح ٦٦٣٢.
٥ أبو دجانة هو: سماك بن خرشه، وقيل: ابن أوس بن خرشه، متفق على شهوده بدرًا، وكان ممن ذب عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى كثرت جراحه، استشهد باليمامة. انظر: ابن حجر، الإصابة ٤/ ٥٨.

<<  <   >  >>