للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول البغدادي: "أجمع أصحابنا على أن قدرة الله عز وجل، وعلمه وحياته وإرادته وسمعه وكلامه، صفات له أزلية"١.

واتفقوا على وجوب تأويل بعض الصفات ونفيها عن الله عز وجل؛ وذلك مثل صفة المحبة والرضى وغيرها من الصفات الاختيارية التي تقع بمشيئة الله وإرادته.

يبين الباقلاني عقيدتهم في مثل هذه الصفات فيقول: "ونعتقد أن مشيئة الله تعالى ومحبته ورضاه، ورحمته، وكراهيته، وغضبه، وسخطه، وولايته، وعداوته كلها راجع إلى إرادته"٢، وقال: "وأنه سبحانه لم يزر مريدًا ومحبًا ومبغضًا وراضيًا، وساخطًا، مواليًا، ومعاديًا, ورحيمًا ورحمانًا، وجيع هذه الصفات راجعة إلى إرادته في عباده ومشيئته، لا إلى غضب بغيره، ورضى يسكنه طبعًا له، وحنق وغيظ يلحقه، وحقد يجده"٣.

وحقيقة قولهم نفي حقيقة هذه الصفات، وتأويلها بالإرادة.

واختلف قولهم في بعض الصفات الذاتية التي تعرف بالصفات الخبرية؛ أي: التي لم تثبت إلا من طريق السمع ولا دخل للعقل في إثباتها، ولولا ورود السمع بها لما علمت؛ وذلك مثل صفة: اليدين، والعينين، والوجه.

فبعض متقديمهم يثبت ما ثبت من ذلك، كالباقلاني٤. وأولها أكثرهم ولا سيما متأخروهم.

الحاصل أن القوم يثبتون بعض الصفات، وينفون ويؤولون البعض الآخر، وهذا تعطيل وإن كان أخف بلا شك من تعطيل الجهمية والمعتزلة.


١ انظر: أصول الدين ٩٠.
٢ انظر: الإنصاف ص ٢٦.
٣ انظر: الإنصاف ٢٤.
٤ نفس المصدر ص ٢٤.

<<  <   >  >>