للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفريط.

فقال حلولية الجهمية: إن الله بذاته في كل مكان فقالوا: "هو تحت الأرضين السبع كما هو على العرش، ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان"١.

وقال معطلة الجهمية: ليس هو داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت.

وهذا قول المعتزلة٢، وإليه يؤول قول الأشاعرة، الذين نفوا فوقيته لزعمهم أنه لا يصح أن يكون الباري في جهة؛ يقول الجويني: "إن الرب تعالى متقدس عن الاختصاص بالجهات والإتصاف بالمحاذاة ولا تحيط به الأقطار"٣.

ويقول الرازي: أعلم أنا ندعي وجود موجود لا يمكن أن يشار إليه بالحسن أن ههنا أو هنالك"٤ ومؤداه أنه سبحانه ليس فوق سماواته مستو على عرشه.

وقال أهل السنة: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، كما دل على ذلك الكتاب وإجماع سلف الأمة٥.

فقول أهل السنة كما ترى وسط بين قول من جعله -تعالى عن قولهم- في كل مكان، وبين قول من جعله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا


١ انظر: الإمام أحمد بن حنبل، الرد على الجهمية ١٠٥.
٢ الأشعري، المقالات ١/ ٢٣٧، وهو قول الفوطي، وعباد بن سليمان، وأبي زفر وغيرهم وجمهوروهم على القول بأنه في كل مكان. وانظر: زهدي جار الله، المعتزلة ص ٨٣.
٣ لمع الأدلة ٩٤- ٩٥.
٤ أساس التقديس ص ٤.
٥ ابن تيمية، الفتاوى ٢/ ٢٩٧.

<<  <   >  >>