للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" ١.

والحديث نص في دخول من مات على شيء من الكبائر، تحت المشيئة كما يقول أهل السنة.

وأما قولهم: إنه لا يخلد في النار إذا دخلها، وأنه لا بد أن يخرج منها ويدخل الجنة؛ فهو مأخوذ من مثله قوله صلى الله عليه وسلم: "يدخل أهل الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا -أو الحياة، شك مالك أحد رواة الحديث- فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل" ٢.

فدل الحديث على خروج من في قلبه مثقال حبة من إيمان من النار وإدخالهم الجنة، ومعلوم أن أصحاب الكبائر مؤمنون، مع كثير منهم مثقال أو مثاقيل من الإيمان؛ فلا شك في خروجهم والحديث يتضمن أيضًا الرد على المرجئة الخالصة من قولهم: "لا يضر مع الإيمان ذنب"؛ إذ يثبت الحديث أن من المؤمنين من تضرة المعاصي فيدخل النار، ثم يخرج منها، فخروجه دل على أنه ليس بكافر؛ وإنما هو مؤمن عذب بقدر ذنبه ثم أخرج إلى الجنة.

قال الحافظ ابن حجر موضحًا مراد الإمام البخاري بإيراد هذا الحديث: "وأراد بإيراده الرد على المرجئة؛ لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود"٣.


١ خ: كتاب الإيمان ١/ ٦٤، ح ١٨.
٢ خ: كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال ١/ ٧٢، ح ٢٢.
٣ انظر: فتح الباري ١/ ٧٣.

<<  <   >  >>