للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} ١، ونحو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حي يزني وهو مؤمن" ٢، وقوله: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" ٣.

الحاصل أن النصوص الواردة في الوعد والوعيد كثيرة، سواء في كتاب الله عز وجل، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

تجاه هذه النصوص وما شابهها افتراق الناس في باب الوعد والوعيد إلى طرفين وواسطة:

طرف غلب نصوص الوعد، وأغفل نصوص الوعيد، وهم المرجئة الخالصة؛ فقالوا: كل ذنب سوا الشرك فهو مغفور واحتجوا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة.

والطرف المقابل لهم وهم الخوارج والمعتزلة قالوا: لا بد أن ينجز الله وعده ووعيده، ولا يصح أن يخلف أيًا منهما، وهذه بعض نصوصهم في ذلك من كتبهم تنبئ عن مذهبهم، وتفتي بحقيقة قولهم:

يقول القاضي عبد الجبار في بيان مذهب المعتزلة في ذلك: "وأما علوم الوعد والوعيد؛ فهو أن يعلم أن الله تعالى وعد المطيعين بالثواب، وتوعد العصاة بالعقاب، وأنه يفعل ما وعد به وتوعد عليه لا محالة، ولا يجوز عليه الخلف والكذب"٤.

ويقول أبو عمار عبد الكافي الإباضي في تقرير مذهب أهل نحلته من


١ سورة النساء آية ٩٣.
٢ جه: فتن، باب النهي عن النهية ٢/ ١٢٩٨، ح ٣٩٣٦.
٣خ: كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن أن يحبط عمله ١/ ١١٠، ح ٤٨.
٤ انظر: شرح الأصول الخمسة ١٣٥- ١٣٦.

<<  <   >  >>