للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالوا: إن الله وإن كان يريد المعاصي إرادة كونية قدرية؛ فهو لا يحبها ولا يرضاها ولا يأمر بها؛ بل يبغضها ويسخطها، ويكرهها، وينهى عنها، هذا قول السلف والأئمة قاطبة.

فيفرقون بين إرادته التي تتضمن محبته ورضاه، وبين إرادته ومشيئته الكونية القدرية التي لا يلزم منها المحبة والرضى.

وبهذا التميز بين الإراداتين يمتاز قول أهل السنة عن قول كل من فريقي القدرية المعتزلة، والجبرية الخالصة والمتوسطة، الذين سووا بين الإرادة والمشئية وبين المحبة والرضى؛ فضل المعتزلة إذ ذهبوا إلى القول بأنه يقع في ملك الله ما لا يريد ولا يشاء، وهلك أهل الجبر بقولهم: إن الكفر والشرك والعصيان محبوبة لله مرضية عنده.

ومنشأ ضلال الفريقين إنما هو تسويتهم بين الإرادة والمشيئة، وبين المحبة والرضى، وجعلهم معنى إرادته هو معنى محبته ورضاه.

وهدى الله أهل السنة لأحسن القول. فميزوا وفرقوا بين الأمرين، وخلصوا بالحق من بين الضلالتين، وهذا عنوان وسطيتهم، وآية اعتدالهم واتزانهم.

<<  <   >  >>