من أراد الله به خيرًا من هذه الأمة، فعرف للصحابة الأجلاء فضلهم ومنزلتهم وسابقتهم في الإسلام، ولم يقصر أو يفرط في حقهم، ولم يبالغ أو يغلو فيهم أو في بعضهم فيزلهم فوق مكانتهم، ولم يعد بهم قدرهم ومنزلتهم التي هم عليها.
وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة؛ فهم أهل توسط واعتدال في هذا الباب، كما هم كذلك في غيره من سائر أمور دينهم كما تقدم، فهم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط بين الخوارج وبعض أئمة الاعتزال، وبين الشيعة والرافضة، فأولئك جفوا، وهؤلاء جمعوا بين السيئتين فغلوا في بعض الصحابة وأفراطوا في ذلك، وفرطوا وقصروا في حق البعض الآخر، وسنين في هذا الفصل أقوال كل منهما، ثم نبين عقيدة أهل السنة في هذا الباب وتوسطهم فيه بإذنه عز وجل.