للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن بناء المساجد والقباب على قبورهم، مظهر من مظاهر الغلو فيهم وهو محرم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وتحذيره من مضاهاة اليهود والنصارى في ذلك ولعنه إياهم بسبب ذلك.

ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ١.

وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" ٢.

وقد أجمع العلماء على النهي عن البناء على القبور وتحريمه ووجوب هدمه لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة٣.

لأن البناء عليها؛ غلو يفضي بأهليه إلى عبادة أصحاب القبور ودعائهم والاستغاثة بهم، وطلب جلب النفع ودفع الضر منهم من دون الله عز وجل.

فإن الغلو في الصالحين على هذا النحو كان سببًا في شرك قوم نوح عليه السلام، من قبل، كما أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله عز وجل: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} ٤، أنها "أسماء رجال صالحين من قوم نوح؛ فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتسخ العلم عبدت"٥.


١ تقدم تخريجه ص٢٧٢.
٢ م: كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ١/ ٣٣٧- ٣٧٨، ح ٥٣٢.
٣ انظر: تيسير العزيز الحميد ٣٣٢.
٤ سورة نوح آية ٢٣.
٥ خ: كتاب التفسير، باب {وَدًّا وَلا سُوَاعًا ... } ٨/ ٦٦٧.

<<  <   >  >>