للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عن صالح جزرة قال: سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال: كيف قلت تروي عن الأوزاعي عن نافع وعن الأوزاعي عن الزهري وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري إبراهيم بن مرة وقرة.

قال: أنبل الأوزاعي أن يروى عن مثل هؤلاء.

قلت فإذا روى عن هؤلاء وهم ضعفاء أحاديث مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ضعف الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي.

وأما الأعمش والثوري فقال الخطيب في الكفاية كانا هما وبقية يفعلون ذلك.

قال شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائي في كتابه جامع التحصيل وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وأشرها انتهى.

ومما يلزم عليه من الغرور الشديد أن الثقة الأول قد لا يكون معروفا بالتدليس ويكون المدلس قد صرح بسماعه عن هذا الشيخ الثقة وهو كذلك فتزول تهمة تدليسه فيقف الواقف على هذا السند فلا يرى فيه موضع علة لأن المدلس صرح باتصاله والثقة الأول ليس مدلسا وقد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة وفيه ما فيه من الآفة المتقدمة وهذا قادح فيمن تعمده.

قوله في حد القسم الأول: "هو أن يروى عمن لقيه ما لم يسمعه منه إلى آخره" هذا الحد هو المشهور عندهم وقد حده الحافظ أبو بكر البزار وغيره بما هو أخص من هذا وهو أن يروى عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه وكذا حده الحافظ أبو الحسن بن القطان قال: والفرق بينه وبين الإرسال أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه انتهى.

ويقابل هذا القول في تضييق حد التدليس قول آخر حكاه ابن عبد البر في التمهيد١ ان التدليس أن يحدث الرجل بما لم يسمعه منه بلفظ لا يقتضي


١ راجع: "التمهيد" "١/١٥، ٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>