للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

التفافة؛ فقال: دعوا الرجل؛ وخاضوا في حديث العرب وأشعارها؛ فقال ولا يعرفونه: ما أصبتم جيدَ العشر ولا شاعر العرب.

فقال له سعيد: فهل عندكَ من ذلك علم؟ قال: نعم. قال: فمن أشعر الناس؟ قال: الذي يقول:

لا أعدُّ الإقتارَ عدماً ولكنْ ... فقدُ منْ قدْ رزئته الإعدام

فأنشدها حتى أتى عليها. قال: فمن يقولها: قال: أبو دواد الإيادي. قال: ثم من؟ قال الذي يقول:

أفلحْ بما شئتَ فقدْ يدركُ بالض ... عفِ وقد يخدَّعُ الأريب

وأنشدها حتى أتى عليها. قال: فمن قالها؟ قال: عبيد ابن الأبرص أحد بني سعد.

قال: ثم من؟ قال: والله لحسبك بي عند رهبة أو رغبة إذا رفعت إحدى رجلي على الأخرى ثم عويت في أثر القوافي كما يعوي الفصيل وراء الإبل الصادرة.

قال: ومنْ أنت؟ قال: أنا الحطيئة.

فرحب به سعيد، وقال: قد أسأتَ بكتمانك نفسك منا الليلة، وقد علمتَ شوقنا إليك، وإلى حديث العرب.

وقال يمدحه:

لعمري لقد أمسى على الأمرِ سائسٌ ... بصيرٌ بما ضرَّ العدوَّ أريب

جريءٌ على ما يكرهُ المرءُ صدرهُ ... وللفاحشاتِ المندياتِ هيوبُ

سعيدٌ وما يفعلْ سعيدٌ فإنه ... نجيب فلاهُ في الرباطِ نجيب

سعيدٌ فلا تغرركَ خفةُ لحمهِ ... تخددَ عنه اللحمُ وهو صليب

إذا خاف إصعاباً من المر صدره ... علاهُ فباتَ الأمرُ وهو ركوبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>