خرج زيد الخيل يتطرف، فلقي الحطيئة وكعب بن زهير بن أبي سلمى، ورجلاً من بني بدر، وهم يتصيدون، فأخذهم.
فأما الحطيئة فقال: والله ما عندي من مالٍ فأعطيكَ، وما هو إلا لساني؛ فأطلقه فمدحه.
وأما كعب فأعطاه فرساً. وأما البدري فأعطاه مائة ناقة، فقال الحطيئة:
إلا يكنْ مالٌ يثابُ فإنه ... سيأتي ثنائي زيداً بنَ مهلهلِ
فما نلتنا غدراً ولكنْ صبحتنا ... غداةَ التقينا في المضيقِ بأخيلِ
بأخيل: جمع خيل.
تفادى كماةُ الخيلِ من وقعِ رمحه ... تفادي خشاشِ الطيرِ من وقعِ أجدلِ
تفادى: يستتر بعضها ببعض من الخوف. والخشاش: الذي يأكل اللحم ولا يصيدُ. والأجدل:
الصقر.
فأعطتكَ منا الودَّ يومَ لقينا ... ومن آلِ بدرٍ وقعةٌ لم تهللِ
لم تهلل: لم تجبن.
ذكروا أنه قيل للحطيئة حين حضرته الوفاة: أوص. فقال: أبلغوا أهلَ الشماخ أنه أشعر العرب.
فقيل له: اتقِ الله؛ فإن هذا لا يرد عليك، فأوصِ. قال: المالُ للذكور من أولادي دون الإناث.
قيل: اتق الله وأوصِ؛ فقال:
قد كنتُ أحياناً شديدَ المعتمدْ ... قد كنتُ أحياناً على الخصمِ الألدّ
قد رددتُ نفسي وما كادتْ تردّ
قالوا: اتقِ الله وأوصِ. فقال: أوصيكم بالشعر؛ ثم قال:
الشعرُ صعبٌ وطويلٌ سلمهْ ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمهْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute