للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج زيد الخيل يتطرف، فلقي الحطيئة وكعب بن زهير بن أبي سلمى، ورجلاً من بني بدر، وهم يتصيدون، فأخذهم.

فأما الحطيئة فقال: والله ما عندي من مالٍ فأعطيكَ، وما هو إلا لساني؛ فأطلقه فمدحه.

وأما كعب فأعطاه فرساً. وأما البدري فأعطاه مائة ناقة، فقال الحطيئة:

إلا يكنْ مالٌ يثابُ فإنه ... سيأتي ثنائي زيداً بنَ مهلهلِ

فما نلتنا غدراً ولكنْ صبحتنا ... غداةَ التقينا في المضيقِ بأخيلِ

بأخيل: جمع خيل.

تفادى كماةُ الخيلِ من وقعِ رمحه ... تفادي خشاشِ الطيرِ من وقعِ أجدلِ

تفادى: يستتر بعضها ببعض من الخوف. والخشاش: الذي يأكل اللحم ولا يصيدُ. والأجدل:

الصقر.

فأعطتكَ منا الودَّ يومَ لقينا ... ومن آلِ بدرٍ وقعةٌ لم تهللِ

لم تهلل: لم تجبن.

ذكروا أنه قيل للحطيئة حين حضرته الوفاة: أوص. فقال: أبلغوا أهلَ الشماخ أنه أشعر العرب.

فقيل له: اتقِ الله؛ فإن هذا لا يرد عليك، فأوصِ. قال: المالُ للذكور من أولادي دون الإناث.

قيل: اتق الله وأوصِ؛ فقال:

قد كنتُ أحياناً شديدَ المعتمدْ ... قد كنتُ أحياناً على الخصمِ الألدّ

قد رددتُ نفسي وما كادتْ تردّ

قالوا: اتقِ الله وأوصِ. فقال: أوصيكم بالشعر؛ ثم قال:

الشعرُ صعبٌ وطويلٌ سلمهْ ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>