فخرجت مرة فلما بلغت قرية كهك لقيني شاب حدث السن فقال لي هل لك في الصحبة فقلت لا تقوى على صحبتي وسفري فقال إذا كان الحامل هو حمل وقوي فقلت سر على اسم اللَّه وكان لسانه لسان أهل قزوين إلا أني لا أعرفه فسرنا حتى بلغنا همدان فلم أره يأكل شيئا ولا لعرض له حتى جاوزنا حلوان فقلت يا شاب لا بد من الطعام.
فقال من شغله عن اللَّه شيء فليس من الله في شئ ومن شغل مشغولا بالله القطع عن اللَّه يا علك لا تشغلني عن الله فاءني سمعت أبا سعيد الرازي يقول سمعت يوسف بْن الحسين يقول سمعت أبا تراب النخشبي يقول من شغل مشغولا بالله عن اللَّه أدركه الموت من الساعة.
قَالَ وكان رجل قزويني نساج ببغداد من تلامذة ابن عطاء والجريري إذا علم وقت دخولي بغداد يستقبلني ويحملني إلى بيته وكل عنده وتلك أكلتي ببغداد وطعامه كان مما يستشفي به فلما استقبلني على عادته نظر إليه الشاب فقال يا علك معبودك ورازقك يا علك لو أنك أفردته لكفاك بلا هذا فبقيت أتعجب من فراسه وحملني النساج وتخلف عني الشاب فسألته الصحبة فأبى فألححت فجاء معي ولم يأكل.
فخرجنا من بغداد ولم يأكل حتى دخلنا مكة وبها قزويني أعرج كان يستقبلني وقت دخولي ويكون لي تلك الأكلة عنده فلما شارفنا مكة لم يستقبلني فأصاب قلبي منه شئ فقال يا علك معبودك الأعرج قد تأخر عنك فأعذره فإنه عليل فتعجبت من حدة فراسته.
فلما دخلنا مكة إذا هو عليل كما قَالَ فقدم إلينا طعاما فأكلته