فرأى والدته ليلة كأنها كشفت عن شعرها الأبيض وقالت يا أبا المظفر لحقي عليك إلا رجعت إلى مرو فإني لا أطيق فراقك فانتبهت مترددا وعزمت على أن أشاور شيخي سعد بْن علي فمضيت إليه فإذا هو جالس فِي الحرم وعنده من الزحام ما لم أقدر معه على الكلام فلما قام وتفرق الناس تبعته إلى باب داره فالتفت إلي وقال يا أبا المظفر العجوز ينتظرك ودخل البيت فعرفت أنه يتكلم على ضميري ورجعت مع الحاج.
قَالَ أَبُو الحسن عَبْد الغافر بْن إسماعيل الفارسي فِي سياق تاريخ نيسابور أبو المظفر السمعاني وحيد عصرة فضلا وطريقة من بيت العلم والزهد وخرج فِي شبابه إلى الحج ثم لما عاد إلى وطنه ترك طريقة التي ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة وتحول إلى مذهب الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ واضطرب لذلك أهل مرو وتشوش العوام فخرج منها وصار إلى طوس ثم قصد بنيسابور واستقبله الأصحاب استقبالا عظيما وكانت النوبة نوبة نظام الملك وعمد الحضرة أبي سعد مُحَمَّد بْن منصور وأكرموا مورده وعقد له مجلس التذكير واستحكم أمره وعاد إلى مرو فعقد له مجلس التدريس فِي مدرسة أصحاب الشافعي رضي اللَّه عنه.
صنف الإمام أبو المظفر التفسير فِي ثلاث مجلدات وصنف فِي الخلاف كتبا مشهورة وسمع الحديث بمرو وبنيسابور وجرجان وبهمدان وبغداد وصريفين والحجاز ودخل قزوين فسمع بها الإمام أبا حفص هبة اللَّه بْن زاذان وأبا منصور مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن زيتارة وأبا طاهر محمد ابن علي بْن لشكر الشيرازي وروى عَنْهُ أبو القاسم إسماعيل بْن محمد الحافظ