للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"يا أَنَسُ! إنّ النّاسَ يُمَصِّرُون أَمْصَاراً١، وإنّ مِصْراً مِنْهَا يُقَالُ لَهُ: الْبَصْرَةَ، أَوِ الْبَصِيْرَةُ؛ فَإِن أَنْتَ مَرَرْتَ٢ بِهَا، أو دَخْلَتَهَا، فَإِيَّاكَ وَسِبَاخَهَا وَكَلأَهَا وَسُوقَهَا، وبَابَ أُمَرائِهَا، وَعَلَيْكَ بِضَواحِيهَا٣؛ فإنّه يَكُونُ بِهَا خَسْفٌ وقَذْفٌ وَرَجْفٌ٤، وقَوْمٌ يَبيتُون يُصْبِحُون قرَدَةً وخَنَازِيرَ".


١ "يمصرِّون أمصاراً"، أي: يتخّذون بلاداً، والتّمصير: اتّخاذ المصر.
٢ فإيّاك وسباخها وكلاءها وسوقها وباب أمرائها، أي: (احذر سباخها) ، وهو بكسر السّين جمع سبخة، بفتح فكسر، أي: أرض ذات ملح ولا تكاد تنبت إلاّ بعض الشّجر.
وكلاء: بوزن كتاب موضع بالبصرة، قال في النّهاية: "الكلاء بالتّشديد والمدّ: الموضع الذي تربط فيه السّفن، ومنه: سوق الكلاء بالبصرة" اهـ.
وسوقها: إمّا لحصول الغفلة فيها، أو لكثرة اللّغو بها، أو فساد العقود ونحوها.
وباب أمرائها: لكثرة الظّلم الواقع بها.
٣ "وعليك بضواحيها"، جمع: ضاحية. وهي النّاحية البارزة للشّمس.
وقيل: المراد بها: جبالها، وهذا أمر بالعزلة، فالمعنى: الزم نواحيها.
٤ "فإنّه يكون بها خسف وقذف ورجف"، أي: يكون بالمواضع المذكورة خسف، أي: ذهاب في الأرض وغيبوبة فيها، وقذف: أي: ريح شديدة باردة، أو قذف الأرض الموتى بعد دفنها، أو رمي أهلها بالحجارة، بأن تمطر عليهم، قاله القاري. قلت: الظّاهر المناسب ههنا هو المعنى الأخير. اهـ. عون المعبود.
ورجف: أي: زلزلة شديدة، وقوم يبيتون طيّبين يصبحون قردة وخنازير.
قال الطّبيّ: المراد به المسخ. وعبّر عنه بما هو أشنع. اهـ.

<<  <   >  >>