للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حذيفةَ يقولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رسولَ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةً أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يا رسولَ الله إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيِّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا الله بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قال: "نَعَمْ"، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قال: "نَعَمْ، وَفِيْهِ دَخَنٌ"١، قال:

قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قال: "قَومٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي٢، تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُنْكِر"، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَاكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: "نَعَمْ: فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ دَعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُم إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا"،


١ الدخن، بفتحتين: هو الحقد، وقيل: الدغل، وقيل فساد القلب، ومعنى الثّلاثة متقارب.
قال أبو عبيد: يفسر المراد بهذا الحديث: الحديث الآخر: "لا نرجع قلوب قوم على ما كانت عليه". وأصله: أن يكون في لون الدّابة كدورة إلى سواد.
قالوا: والمراد هنا: ألا تصفو القلوب بعضها لعض، ولا يزول حبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصّفاء.
٢ "ويهدون بغير هديي". الهدي: الهيئة والسيرة والطّريقة.

<<  <   >  >>