للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام احمد بن حنبل رحمه الله عندما سئل عن كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر: " إن أسمعوه ما يكره لا يغضب, فيكون يريد ينتصر لنفسه"١ ا. هـ.

فإن من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحمله على عمله ذلك بغض لمن قام بأمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو الحمية والتشفي, كلا بل يحمله على ذلك أمور حميدة منها المحبة للمسلمين والرغبة في إسداء الخير إليهم, ومنعهم مما يؤول بهم إلى عصيان الله واستحقاق العقوبة على تلك المعاصي٢.

قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ٣.

ففي الآية دلالة على تأديب المسلمين بالعفو عن المعتدين والتجاوز عن المسيئين.

ومن هذا المنطلق كان شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حليما على من عاداه كريما مع من جفاه, لم ينتصر لنفسه, بل كان غضبه كله لله تعالى مثال ذلك رسالته لعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف التي ورد فيها:

"..فقد وصل إلينا من ناحيتكم مكاتيب فيها إنكار وتغليظ عليّ ولما قيل إنك كتبت معهم وقع في الخاطر بعض الشيء لأن الله سبحانه نشر لك من الذكر الجميل وأنزل في قلوب عباده لك من المحبة ما لم يؤته كثيرا من الناس"٤.

فتأمل كيف يحلم ويدفع السيئة بالحسنة رحمه الله.

هذا عن الحلم والأناة.


١-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٥٠ للخلال.
٢-مقاصد أهل الحسبة والأمور الحاملة لهم على عملهم في ضوء الكتاب والسنة ص ٥١: إعداد خالد بن عبد الرحمن الشايع- ندار بلنسية- الرياض- ط/١"١٤١٤هـ-١٩٩٣م" بتصرف يسير.
٣-جزء من الآية ١٩٩ من سورة الأعراف.
٤-الرسائل الشخصية- الرسالة السابعة والثلاثون ص ٢٥٠, والدرر السنية في الأجوبة النجدية ١/٣١.

<<  <   >  >>