ثم يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله توضيحا لهذه القاعدة فيقول:
: إن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان فإذا رأيت من يعمل هذا ولا يتركه إلا إلى أشر منه فلا تدعو إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر منه, أو بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه, ولكن إذا كان في البدعة من الخير فعوض عنه خير المشروع بحسب الإمكان إذ النفوس لا تترك شيئا إلا بشيء ولا ينبغي لأحد أن يترك خيرا إلا إلى مثله أو إلى خير منه"١ا. هـ.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله موضحا لهذه القاعدة: " إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله, فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره, وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله, وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم, فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر ... , ومن تأمل ما جرى على الإسلام من الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر, فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرة بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغيرها, بل لما فتح الله مكة وصارت دار سلام عزم على تغيير البيت ورده إلى قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك- مع قدرته عليه- خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر, ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقع ما هو أعظم منه, كما وجد سواء, فإنكار أربع درجات:
١-اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ٢/٦١٦, تحقيق وتعليق الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل- ن شركة العبيكان- الرياض- ط/١"١٤٠٤هـ".