للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِتْنَةٌ} ١ فإذا شرع الله لهم أن يوقفوا أموالهم على أولادهم ويزيدوا من شاءوا أو يحرموا النساء والعصبة ونسل البنات فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأي شيء لم يفعله التابعون، ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة وغيرهم؟ أتراهم رغبوا عن الأعمال الصالحة ولم يحبوا أولادهم، وآثروا البعيد عليهم، وعلى العمل الصالح، ورغب في ذلك أهل القرن الثاني عشر! أم تراهم خفي عليهم حكم هذه المسألة، ولم يعلموها حتى ظهر هؤلاء٢ فعلموها؟ سبحان الله ما أعظم شأنه وأعز سلطانه، فإن ادعى أحد أنَّ الصحابة فعلوا هذا الوقف فهذا عين الكذب والبهتان] ٣.

ثانياً: [وأما حديث عمر أنَّه تصدق بالأرض على الفقراء والرقاب والضيف وذوي القربى وأبناء السبيل٤ فهذا بعينه من أبين الأدلة على مسألتنا، وذلك أنَّ من احتج على الوقف على الأولاد ليس له حجة إلاَّ هذا الحديث لأنّ عمر رضي الله عنه قال: لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف، وأنَّ حفصة رضي الله عنها وليته ثم وليه عبد الله بن عمر فاحتجوا بأكل حفصة وأخيها دون بقية الورثة، وهذه الحجة من أبطل الحجج، وقد بينه الشيخ الموفق رحمه الله، والشارح، وذكروا أنَّ أكل الولي ليس زيادة على غيره وإنَّما ذلك أجرة عمله٥ كما كان في زماننا هذا


١ جزء من الآية ١٥ من سورة التغابن.
٢ المبيحون له من أهل زمانه.
٣ الرسائل الشخصية- الرسالة الثانية عشرة ص ٧٩، والدرر السنية في الأجوبة النجدية ٥/٢٦٠.
٤ تقدم ذكر الحديث ص (٣٥٦) .
٥ قال موفق الدين ابن قدامة: (وأما خبر عمر، فإنَّه لم يخص بجض الورثة بوقفه، والنزاع إنَّما هو في تخصيص بعضهم. وأما جعل الولاية لحفصة، فليس ذلك وقفاً عليها، فلا يكون ذلك وارداً في محل النَّزاع، وكونه انتفاعاً بالعَلّة، لا يقتضي جواز التخصيص) المغني ٨/٢١٨.

<<  <   >  >>