للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وفي تعقيبه الخروج من الخلاء بهذا الدعاء قولان:

أحدهما: أنه قد استغفر مِن تَرك ذكر الله سبحانه وتعالى مُدة لُبثه على الخلاء، كان -صلى الله عليه وسلم- لا يهجر ذكر الله سبحانه وتعالى - إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران الذكر في تلك الحال، تقصيرًا، وعدّة على نَفسه دَيْنًا، فتداركه بالاستغفار (١).

[ثانيهما] (٢): وقيل معناه: التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه: فأطعمه، ثم هضمه، ثم سهَّل خروج الأذى


= / ١٨٢؛ لكن نقل البَنُورِي عن شيخه الكشميري: أن المتعين الثاني، وهو كونه مفعولًا مطلقًا/ معارف السنن ١/ ٨٣.
والغفران مأخوذ من الغَفْر وهو الستر، فكان العبد يسأل الله تمام المِنَّة بتسهيل الأذى، وعدم حَبسه لئلا يفضي إلى شهرته وانكشافه/ الفتوحات الربانية ١/ ٤٠١.
وقيل في توجيه الاستغفار في هذه الحالة غير ذلك، كمأ سيأتي.
(١) انتقد هذا الوجه بأن ترك الذكر حينئذ هو المشروع: فكيف يكون تركه تقصيرًا؟ وأجيب عن ذلك بأن فيه تقصيرًا من حيث إن القائل تعاطى لأجل شهوته ما اقتضى ترك الذكر، فكان شهود التقصير حينئذ من إجلال الله تعالى، والاعتراف بعدم الوفاء بشكر نعمته، مما لا يخفى عِظَم وَقْعِه/ الفتوحات الربانية ١/ ٤٠١.
أقول: ولعل هذا ما جعل الإمام العيني يعتبر هذا الوجه هو أحسن وجوه حكمة الاستغفار في هذه الحالة/ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري - كتاب الوضوء - باب ما يقول عند الخلاء ٢/ ٢٥٥، وقال الشيخ البنوري: إنه المشهور/ معارف السنن ١/ ٨٥، مع أنه رجح غيره كما سيأتي.
(٢) زيادة منى للتوضيح وكذا عبارة "وجه ثالث" الآتية بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>