للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فرأى شكره قاصرًا عن بلوغ حق هذه النعم، ففزع إلى الاستغفار منه. والله أعلم. قاله الخطابي (١).

[وجه ثالث] ويَحتَمِلُ وجهًا ثالثًا: أن يكون هذا خرج منه -عليه السلام- مَخرِج التشريع والتعليم، في حالتي الدخول، والخروج، فَحق مَن خرج سالمًا، مُعاذًا مما استعاذ منه، من الخُبثُ، والخبائث، أن يؤدي شكر نعمة الله عليه، في إعاذته، وإجابة سؤاله، وأن يستغفر الله تعالى، خوفًا أن لا يؤدي شكر تلك النعم حقها (٢).

وهو قريب من تحميد العاطِس على سلامه، مما قد كان يَخْشى


(١) معالم السنن ١/ ٣٢ مع مختصر سنن أبي داود، ونقله عنه النووي/ المجموع ٢/ ٧٦.
ونقل ابن عِلّان عن شرح العباب أن بعضهم قال: إن أصح الوجوه هو هذا الوجه الثاني/ الفتوحات الربانية ١/ ٤٠١، مع أنه تقدم عن العيني استحسان الأول، وسيأتي عن البنوري ذكر وجه آخر وترجيحه له، وعمومًا فإن المسألة اجتهادية.
(٢) ذكر الشيخ البنوري نحوًا من هذا الوجه، واعتبره المآل النهائي لتشريع الاستغفار في هذه الحالة، أما غيره من الأوجه فاعتبرها لأصل المشروعية، وهو فعل الرسول نفسه لهذا الاستغفار، وقد عَزى لغيره ذكر ثلاثة أوجه في حكمة فعل الرسول لهذا الاستغفار، ومنها الوجه الأول المذكور في الأصل، وقد وصفه البنوري بأنه هو المشهور كما قدمت، لكنه ذكر وجهًا رابعًا من عنده وخلاصته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كان لا يخلو عن مراقبة الله جل جلاله، وهي في مثل هذا الوقت، وهو وقت الخروج من الخلاء، مما ينافي جلال الله تعالى ويوجب الخجل طبعًا، فاستغفر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربه، لأجل وقوع مراقبته -صلى الله عليه وسلم- لمولاه في وقت لا يليق بجلاله، ثم قال: وهذا ألطف عندي - والله أعلم، فكأنه لعدم انقطاع الذكر القلبي -والحالة هذه- استغفر الله تعالى/ معارف السنن ١/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>