للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم وأن من انتسب إلى مذهب إمام فعليه أن يأخذ بعزائمه ورخصه، وإن خالف نص كتاب أو سنة، فصار إمام المذهب عند أهل مذهبه كالنبي في أمته، لا يجوز الخروج عن قوله، ولا يجوز مخالفته، فلو رأى واحداً من المقلدين قد خالف مذهبه وقلد إماما آخر في مسألة لأجل الدليل الذي استدل به قالوا: هذا قد نسب نفسه إلى الاجتهاد ونزل نفسه منزلة الأئمة المجتهدين، وإن كان لم يخرج عن التقليد، وإنما قلد إماما دون إمام آخر لأجل الدليل، وعمل بقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ١ ٢.

والقصد من استعراض أقوال هؤلاء العلماء الإشارة إلى أن أنصار أئمة الدعوة يؤيدون الدليل ويعتمدون عليه، ويشنون الغارة على من خالفه وقلد أحدا مع وضوح الدليل. وهذا الفهم تبعاً لإمامهم محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

ومما قاله الشيخ حمد بن ناصر بن معمر رحمه الله: أن المقلد الذي لم تجتمع فيه الشروط ففرضه التقليد وسؤال أهل العلم.

ثم أوضح - رحمه الله - الرد على من تعصب لإمام من الأئمة وحاول أن يتملص عن الأخذ بالدليل بما يشفي ويكفي ويحفظ لنا سلامة الأخذ بالدليل وكرامة الأئمة: (فالمتعصبون للمذاهب إذا وجدوا دليلا ردوه إلى نص إمامهم، فإن وافق الدليل نص الإمام قبلوه، وإن خالفه ردوه واتبعوا نص الإمام. واحتالوا في رد الأحاديث بكل حيلة يهتدون إليها، فإذا قيل لهم هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قالوا: أأنت أعلم بالحديث من الإمام الفلاني؟ مثال ذلك: إذا حكمنا بطهارة بول ما يؤكل لحمه، وحكم الشافعي بنجاسته وقلنا له قد دل على طهارته حديث العرنيين، وهو حديث صحيح، وكذلك حديث أنس في


١ سورة النساء آية: ٥٩.
٢ الدرر السنية جـ٤ ص٢٧-٢٨.

<<  <   >  >>