للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة، إلا شيئا ذكره عبد الملك – يعني ابن الماجشون – صاحب مالك لا أحفظ ذلك عن غيره، قال: إن أمر الأمان إلى الإمام، وتأول ما ورد مما يخالف ذلك على قضايا خاصة.

قال ابن المنذر: وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يسعى بذمتهم أدناهم" دلالة على إغفال هذا القائل ... انتهى.

وجاء عن سحنون مثل قول ابن الماجشون فقال: هو إلى الإمام، إن أجازه جاز وإن رده رُدَّ١.

والإجارة حكم شرعي كان يُعمل به في الجاهلية، وقد أقره الإسلام، وتتضح مدى أهميته بوروده بندا أساسيًّا في دستور المدينة الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تأسيسه لدولة الإسلام في المدينة٢.

وهو حكم عظيم يوضح استعلاء المسلمين على غيرهم من الأمم، وهم فيه سواء لا فرق بين شريفهم ووضيعهم، وذلك على خلاف ما كان عليه الناس في الجاهلية حيث لا يستطيع أن يقوم بالإجارة إلا الشريف منهم، أما في الإسلام "فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم على من سواهم"٣ قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد هذه الأمة صراحة: "يُجير على أمتي أدناهم"٤.

كما ورد في ثنايا الخبر ما يفيد أن رسول لله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب رضي الله عنها إلى زوجها بالنكاح السابق دون إحداث نكاح جديد ومهر جديد. وهذه المسألة خلافية بين الفقهاء، حيث يخالف هذا الحديث آخر أخرجه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد زينب على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد، ونكاح جديد".


١ انظر ابن حجر، فتح (٦/٢٧٣) .
٢ انظر محمد حميد الله، مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، (ص ٦٠) البند (١٥) .
٣ رواه أحمد. انظر البنا، الفتح الرباني (١٤/١١٥) .
٤ المرجع السابق (١٤/١١٦) .

<<  <   >  >>