للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر: وفي الحديث من الفوائد مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة، وأن الاجتماع على الطعام يستدعي البركة فيه١.

ومن الفوائد أيضا جواز أكل ورق الشجر عند المخمصة، وكذلك عشب الأرض، قاله ابن القيم٢.

وفيه أيضا بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الزهد في الدنيا، والنتقلل منها، والصبر على الجوع وخشونة العيش، وإقدامهم على الغزو مع هذا الحال٣.

وتدل القصة على جواز أكل ميتة البحر، وأنها لم تدخل في قوله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} ٤ وقد قال الله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ} ٥، وقد صح عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابة "أن صيد البحر ما صيد منه، وطعامه ما مات فيه"، وفي السنن عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا " أحلت لنا ميتتان، ودمان، فأما الميتتان فالسمك والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" حديث حسن، وهذا الموقوف في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي: "أُحل لنا كذا، وحُرِّم


١ ابن حجر، فتح (٨/٨١) .
٢ ابن القيم، زاد (٢/١٥٩) ، قلت: ما أقدم عليه أصحاب السرية من أكل الخبط دليل على قوة شكيمتهم، وتمتعهم بفكر سليم هداهم إلى أكل ورق الشجر كي يبقوا على أنفسهم ولا يستسلموا للجوع فيُقضى عليهم، مع عظيم توكلهم على الله عز وجل الذي لم يخب ظنهم فأطعمهم رزقا من عنده من حيث لا يحتسبون. وصدق الله القائل في محكم كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} الطلاق (٢-٣) .
وقد سمعنا في وقتنا الحاضر بأن الجيوش الحديثة لديها فرق خاصة تسمى (قوات الصاعقة) يتم تدريبها تدريبا عنيفا يتضمن تعويدهم على أكل ورق الشجر وغيره استعدادا لما قد يلاقونه من جوع في مهماتهم، وقد رأينا الصحابة رضي الله عنهم، في هذه السرية يأكلون ورق الشجر، كل تلك الفترة بدون تدريب مسبق على ذلك، وليس ذلك بمستغرب من جنود سامية أهدافهم يملأ الإيمان جوانحهم.
٣ مسلم بشرح النووي (١٣/٨٦) .
٤ المائدة (٣) .
٥ المائدة (٩٦) .

<<  <   >  >>