للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كعب بن الأشرف النضري من زعماء يهود المدينة، وأحد كبار أحبارهم١ أضمر الحقد والحسد للنبي صلى الله عليه وسلم منذ اللحظة التي وصلته فيها أخبار بعثته للناس هاديا ومبشرًا ونذيرًا٢.

وعند وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعقده الحلف الدستوري مع اليهود كان كعب بن الأشرف أحد المشاركين في هذا الحلف مع قبيلته بني النضير، فأصبح بذلك فردا من أفراد الدولة الناشئة في المدينة له حقوق وعليه واجبات بموجب الدستور الموقع من قبل الأطراف المعنية٣، إلا أن ذلك لم يردعه عن أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث "كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش"٤.

ويستمر كعب متماديا في غيه، فيذكر ابن إسحاق عن جمع من شيوخه٥ أنه استنكر مندهشًا النتيجة التي آلت إليها غزوة بدر، وأنه لما تيقن من صدق الخبر "ركب إلى قريش فاستغواهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم"٦


١ يذكر موسى بن عقبة أنه كان أحد بني النضير وقيمهم. البيهقي، دلائل (٣/١٩٠) ، ويذكر ابن إسحاق وغيره أنه كان عربيًّا من بني نبهان من طيء، وكان أبوه أصاب دما في الجاهلية، ثم أتى المدينة فحالف بني النضير فشرف فيهم، وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق، فولدت له كعبا، وكان طويلا جسيما ذا بطن وهامة، شاعرا، ساد يهود الحجاز بكثرة ماله. انظر ابن إسحاق، سيرة (٢٩٧) ، وابن هشام، سيرة (٣/٥١) ، والزرقاني، شرح (٢/٨) .
٢ يذكر الزرقاني عن بعض المصادر أن كعبا هدد بقطع صلته المعتادة لأحبار يهود بني قريظة وقينقاع عندما أقروا بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه ما زال بهم حتى تراجعوا عن قرارهم ذلك. الزرقاني، شرح (٢/٨) ، وروى الطبري عن الزهري وقتادة أنه نزل فيه قوله تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ... } الآية [البقرة: ١٠٩] ، تفسير الطبري (١/٤٨٧) .
٣ أخرج البيهقي، وابن تيمية عن ابن أبي أويس – وهو صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه. التقريب (١٠٨) بسند فيه إبراهيم بن جعفر – لم أعثر على ترجمته - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن كعب بن الأشرف عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعين عليه ولا يقاتله. البيهقي، دلائل (٣/١٩٤) ، وابن تيمية، الصارم المسلول (٧١) . وانظر في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود، محمد حميد الله، مجموعة الوثائق السياسية (٣٩-٤٠) والدكتور أكرم العمري، المجتمع المدني في عهد النبوة خصائصه وتنظيماته الأولى (١٢١-١٢٢) .
٤ رواه أبوداود، السنن (٨/٢٢٨) ، وانظر الألباني، صحيح سنن أبي داود (٢/٥٨١) .
٥ ابن إسحاق، سيرة (٢٩٧) ، وابن هشام، سيرة (٣/٥١) ، وشيوخ ابن إسحاق فيهم الثقات والضعفاء وقد جمع كلامهم دون تمييز، وذكر ذلك الواقدي، مغازي (١/١٨٥) ، وابن سعد، طبقات (٢/٣٢) .
٦ من مراسيل عروة. انظر ابن سيد الناس، عيون (١/٣٥٧) والزرقاني، شرح (٢/٩-١٠) اللذان أخرجاه من طريق ابن عائذ، ومغازي ابن عائذ مفقودة.

<<  <   >  >>